قد تبرأ منه، ولا يتبرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مسلم، وقد ثبت عنه أنه s قال: «أنا بريء من مسلم يقيم بين أظهر المشركين» ، فما اعتبر له كلمة الإسلام، وقال الله -تعالى- فيمن مات وهو بين أظهر المشركين:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً}(١)[النساء: ٩٧] ، فلهذا حجرنا في هذا الزمان على الناس زيارة بيت المقدس والإقامة فيه؛ لكونه بيد الكفار، فالولاية لهم والتحكم في المسلمين، والمسلمون معهم على أسوأ حال -نعوذ بالله من تحكم الأهواء-، فالزائرون اليوم البيت المُقدَّس، والمقيمون فيه من المسلمين، هم الذين قال الله فيهم:{ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}[الكهف: ١٠٤] ، وكذلك فلتهاجر عن كل خلق مذموم شرعاً قد ذمه الحقُّ في كتابه، أو على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» .
وأخيراً؛ نحيل على دراسات مفردة لمن رام الاستزادة في هذا الموضوع، وهي مهمة:
الأولى: لمصطفى بن رمضان البولاقي (ت ١٢٦٣هـ - ١٨٤٧م) : «رسالة فيما إذا كان يحل للمسلمين العيش تحت حكم غير المسلمين والتعايش معهم» .
الثانية: لعلي الرسولي رسالة في الموضوع نفسه، وبالعنوان السابق، وهي والتي قبلها ضمن مجموع منسوخ في القرن (١٣هـ/١٩م) في جامعة ييل بأمريكا، تحت رقم [٤٠٥ - L (٩٧٠) ] . انظر «المخطوطات العربية في مكتبة جامعة ييل»(١٠٦) .
(١) انظر لزاماً عنها: «تفسير الكشاف» (١/٥٥٧) ، «الدفاع عن أهل السنة والاتباع» لابن عتيق (ص ١٣-١٤) ، «الهجرة في القرآن الكريم» (ص ١٦٥) .