(٢) ستأتي ترجمته (ص ٢٤) . (٣) ستأتي ترجمته (ص ١٤٦، ١٤٩) . (٤) لم يفصحا عن اسمه، وكان المجيب أحدهما، والموجود في «النقد والبيان» (ص٤) لم ينص على واحدٍ منهما، والظاهر أن المراد القسام؛ لأنه منذ تولّى أمرَ تعليم الناس في المدارس والمساجد، أخذ على نفسه تقويم ما اعوجَّ من أمر المسلمين، وأن يُرجعهم إلى الإسلام المُصَفَّى الخالي من الزيادات والبدع؛ لأنّ انكباب الناس على هذه البدع أدّى إلى انشغالهم عن الأصول الإسلامية، وأدّى إلى فساد حال المسلمين وضعفهم، وكان عزُّ الدين القسَّام، منذ هاجر إلى فلسطين، قد نوى إعداد الأمة لمرحلة جهادٍ قادمة، منطلقاً من الإسلام، ورأى أن يبدأ أولاً بمرحلة الدعوة والتعليم، لتربية جيل مؤمن بربّه، متمسك بسُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخذ يحارب البدع والخرافات، ويستلُّها واحدةً واحدةً ... ويدعو الناسَ إلى نبذ البدعة، إذا عرف وجودها، ويجيب عن أسئلة الناس بما يوافق القرآنَ والسُّنَّةَ، وما اتفق عليه أعلامُ العلماء السابقون، ومن هنا بدأ الصراع بين أنصار البدع والتقاليد الدينية، وبين المذهب السلفي الذي اتّبعه القسَّام.
وأخذ صوتُ الخلاف يعلو في قضية تشييع الجنائز، فقد جرت العادة أن يرفعَ الناسُ أصواتهم بالتهليل والتكبير أثناء السير بالجنازة، وربما وُجِدَ أناسٌ مستأجَرون يقومون بهذه الوظيفة، إذا كان الميّت من وجهاء الناس وأغنيائهم. وكان القسَّام يُفتي بأنَّ رفع الصوت بالتكبير أثناء السير في الجنازة مكروهٌ كراهةً تحريميةً، وصار له تلاميذ كثيرون، يأخذون برأيه، وينفِّذون موكب الجنازة كما جاء في السُّنَّة النبوية. وحدثت يوماً مُشادَّة بين أحد أنصار القسَّام وبين آخرين أثناء السير بجنازة أحد الموتى، وكتبت جريدة (اليرموك) آنذاك في افتتاحية (العدد ٦٤) الصادر يوم الخميس في ٢١/شوال/١٣٤٣هـ - ١٤/أيار/١٩٢٥م، تتهم الشيخ القسام بأنه السبب فيما حدث من خلاف في المدينة، وانقسام الناس، وكتب رئيس تحرير الجريدة (كمال عباس) مقالاً بعنوان: (يتمسكون بالقشور (أ) ، ويتركون اللباب، فتنة نائمة وواجب العقلاء) هاجم فيه القسَّام، واتّهمه بالسعي وراء المناصب والشهرة، وأنه أفتى بحرمة رَفْع الصوت في الجنازة، ليظهرَ أمام الملأ بمظهر العلماء، الذين يحاربون البدع. وهذه صورة ما كتب موقعاً بـ (ابن عباس) : «في حيفا اليوم حركة غير مباركة، بل فتنة نائمة يوقظها جماعة ممن يتمسكون بالقشور دون اللباب، ويتظاهرون بالإصلاح الديني والاجتماعي، ليتبوأوا مركزاً علمياً اجتماعياً ليسوا من أهله، ولو تدبروا لتحققوا أن المراكز العالية في الهيئة الاجتماعية لا تنال إلا بالعلم الصحيح، والإخلاص الفياض، والعقل الراجح. تلك الفتنة هي التصدي لتحليل وتحريم بعض المندوب والمستحب والمباح في الشرع الإسلامي؛ كزيارة أضرحة الأنبياء والأولياء، والتهليل والتكبير في تشييع الجنائز، وهلم جراً، مما شطر الناس شطرين، وجعلهم حزبين، يتربص كل فريق بأخيه الدوائر، ونشأ عن ذلك قيل وقال، أدى إلى المناظرة، فالمشاتمة، فالمضاربة، وخيف على الاتحاد الذي ننشده في هذه الأيام العصيبة، ونحمل بعض أثره من أن تتقطع أوصاله، ونصبح شيعاً مستضعفين، تتناوبنا المصائب من كل جانب، ونحن عن حاضرنا ومستقبلنا لاهون. لا أحب أن أدخل عباب الموضوع من وجهتي التحريم والإباحة؛ لأن كل مناظر يستند بقوله على رأي إمام أو قطب، وإنما أحب أن ألم بالموضوع من وجهة دينية اجتماعية، لعل البحث يهدينا إلى الحقيقة التي غابت عن المدعين بالإصلاح الديني، فأقول: لا خلاف في أن الحديث الشريف: «كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور، ألا=