للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

اليهود» ! وزاد على ذلك، فقال ما نصّه:

«ما أرى إلا أن الهجرة واجبة من الجزائر إلى (تل أبيب) » !!

كذا قال فضّ فوه، فإن بطلانه لا يخفى على مسلم مهما كان غبياً! ولتقريب ما ذكرت من الخيرية إلى أذهان القراء المحبين للحق الحريصين على معرفته واتباعه، الذين لا يهولهم جعجعة الصائحين، وصراخ الممثلين، واضطراب الموتورين من الحاسدين والحاقدين من الخطباء والكاتبين:

أقول لأولئك المحبين: تذكروا على الأقل حديثين اثنين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

أحدهما: «إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها» .

أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما.

والآخر: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون» ، وهو حديث صحيح متواتر رواه جماعة من الصحابة، وتقدم تخريجه عن جمع منهم برقم (٢٧٠ و١١٠٨ و١٩٥٥ و١٩٥٦) ، و «صحيح أبي داود» (١٢٤٥) ، وفي بعضها أنهم «أهل المغرب» ؛ أي: الشام، وجاء ذلك مفسراً عند البخاري وغيره عن معاذ، وعند الترمذي وغيره مرفوعاً بلفظ:

«إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، ولا تزال طائفة من أمتي ... » الحديث.

وفي هذه الأحاديث إشارة قوية إلى أن العبرة في البلاد إنما هي بالسكان وليس بالحيطان، وقد أفصح عن هذه الحقيقة سلمان الفارسي -رضي الله عنه- حين كتب أبو الدرداء إليه: أن هلم إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان: «إن الأرض المقدسة لا تقدس أحداً، وإنما يقدس الإنسانَ عملُه» (١) .


(١) قال أبو عبيدة: رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (١/١٨٢ - ط. دار الفكر) ، = =وأبو القاسم البغوي -ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (١/١٥٠) -، وعبد الله ابن أحمد في «زوائد الزهد» (٢/٩٠ - ط. دار النهضة) ، وعنه وكيع في «أخبار القضاة» (٣/٢٠٠) ، وأبو نعيم في «الحلية» (١/٢٠٥) ، والدينوري في «المجالسة» (رقم ١٢٣٨ - بتحقيقي) -ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (١/١٥٠ - ط. دار الفكر) - عن يحيى بن سعيد الأنصاري: أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان الفارسي: أن هلم إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان: إن الأرض لا تقدس أحداً ... ثم ذكر كلاماً، وبعضهم اختصره.
وهذا إسناد منقطع، يحيى بن سعيد لم يدرك القصة.
قال أبو نعيم: رواه جرير، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن هبيرة: أن سلمان كتب إلى أبي الدرداء، نحوه.
أقول: هذا سند ظاهرهُ الاتصال، عبد الله بن هُبيرة هذا من الثقات، وظاهره أنه أدرك سلمان، لكن سلمان مات في حدود (٣٥-٤٠هـ) ، وهذا مات سنة (١٢٦) ، وله خمس وثمانون سنة، فهو لم يدرك سلمان قطعاً.
ورواه أبو نعيم -أيضاً- من طريق مالك بن دينار: أن سلمان كتب إلى أبي الدرداء ... وهذا إسناد منقطع -أيضاً-.

<<  <   >  >>