للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يحاولون من فتح بلادهم بالسيف والنار، وامتلاك أوطانهم، بل أقول -ولا أخاف في الله لومة لائم، ولا إيذاء ظالم-: إن هذا النوع من فتح الأجنبي لدار الإسلام هو شر من كل ما سبقه من أمثاله من الفتوح الحربية السياسية والدينية على اختلاف أسمائها في هذا العصر؛ لأنه سلب لحق أهل الوطن في ملك بلادهم وحكمها، ولحقهم في ملك أرضها لأجل طردهم منها، ومن المعلوم بالبداهة أنه إذا بقي لنا ملك الأرض تيسر لنا إعادة ملك الحكم، وإلا فقدناهما معاً.

هذا وإن فقد فلسطين خطر على بلاد أمتنا المجاورة لهذا الوطن منها، فقد صار من المعلوم بالضرورة لأهل فلسطين والمجاورين لهم، ولكل العارفين بما يجري فيها، من عزم اليهود على تأسيس الوطن القومي الإسرائيلي، واستعادة ملك سليمان بقوة المال الذي هم أقطاب دولته الاقتصادية، وبقوة الدولة البريطانية الحربية، إن هذا الخطر سيسري إلى شرق الأردن وسورية والحجاز والعراق، بل هو خطر سينتقل من سيناء إلى مصر.

وجملة القول: أن الصهيونية البريطانية خطر على الأمة العربية في جميع أوطانها الآسيوية وفي دينها ودنياها، فلا يعقل أن يساعدهم عليه عربي غير خائن لقومه ووطنه، ولا مسلم يؤمن بالله -تعالى- وبكتابه العزيز وبرسوله محمد خاتم النبيين -صلوات الله عليه وعلى آله وأصحابه-، بل يجب على كل مسلم أن يبذل كل ما يستطيع من جهد في مقاومة هذا الفتح، ووجوبه آكد على الأقرب فالأقرب، وأهون أسباب المقاومة وطرقها: المقاومة السلبية، وأسهلها: الامتناع من بيع أرض الوطن لليهود، فإنه دون كل ما يجب من الجهاد بالمال والنفس الذي يبذلونه هم في سلب بلادنا وملكنا منا.

ومن المقرر في الشرع أنهم إن أخذوها وجب على المسلمين في جملتهم بذل أموالهم وأنفسهم في سبيل استعادتها، فهل يعقل أن يبيح لنا هذا الشرع تمهيد السبيل لامتلاكهم إياها بأخذ شيء من المال منهم وهو معلوم باليقين؛

<<  <   >  >>