أبرز ما في صفحاته نضاله في سبيل رفعة شأن الوطن، وسعيه في مجال نشر العلم والثقافة، فبعد عودته من الأزهر رأى الدولة العثمانية تنهار، فأسس مع عبد الغني العريسي وتوفيق البساط وعارف الشهابي ورشدي الشمعة وغيرهم من رجالات العرب (جمعية العربية الفتاة) السرية.
واشتغل بالتعليم في مدارس ابتدائية أهلية مدّة يسيرة، ثم أسس (المدرسة العثمانية) صارفاً عليها من ماله ووقته في سبيل إنشائها، وهي مدرسة أهلية في حي البزورية عرفت باسمه (المدرسة الكاملية)(١) ، وتولى إدارتها ما يقرب من ربع قرن، وتخرج بها رجال بارزون، وغدت مفخرة البلاد، وقدّرتها الدولة العثمانية كل التقدير؛ فقبلت من يحمل شهادتها في كليتي الطب والحقوق وغيرهما دون فحص ولا اختبار، وكان يختار لها أساتذة من الاختصاصيين في شتى العلوم، واشتهر بحزمه وجدّه في إدارته.
انتدبه الوطنيون للسفر إلى مصر والاجتماع بأقطاب اللامركزية كالشيخ رشيد رضا، ورفيق العظم، وغيرهما، فسافر إليهم، وسألهم عن الخطط التي وضعوها للسير عليها فيما انهار الاتحاديون في الدولة العثمانية، ولما رأى أنهم لم يضعوا تشكيلات لدولة عربية، عاد إلى دمشق من الإسكندرية على باخرة إيطالية مارة بسواحل فلسطين وبيروت وطرابلس، فمنع من النزول إلى البر السوري بأمر من جمال باشا السفّاح، فتوجه إلى مرسين، ومنها وصل إلى دمشق متنكراً عن طريق الأناضول، معرضاً نفسه للأخطار؛ ليبلّغ رفاقه في الجهاد
(١) المدرسة الكاملية: هي دار القرآن والحديث التنكزية، أنشأها الأمير تنكز، نائب الشام، سنة ٧٢٨ هـ، ثم جددها الشيخ القصاب، وقد نحت على واجهتها العبارة التالية: «جدد عمارة وبناء هذه المدرسة من ماله الخاص الفقير إلى الله -تعالى- محمد كامل القصاب سنة ١٣٢٩هـ» .