للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مندرج تحتها، أو لا تكون عامة اللفظ فهي عامة بالنظر إلى المعنى الذي رتب عليه التثبت وهو الفسق لأنه جعله علة للرد وهو متحقق فيما نحن فيه.

وقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (١)، وقوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (٢)، والكافر غير عدل اتفاقًا وليس بمرضي.

قال الإِمام الشافعي رحمه اللَّه: كيف تجوز أن ترد شهادة مسلم بأن تعرفه يكذب على بعض الآدميين، وتجيز شهادة ذمي وهو يكذب على اللَّه تعالى (٣)؟!

ولنا أيضًا عموم قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ. . . " الحديث، أخرجه البخاري (٤) وهو وإن كان ورد على سبب خاص في إخبارهم عن التوراة فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

وروى البيهقي عن أبي سلمة، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مِلَةٍ عَلَى مِلَّةِ إِلَّا شَهَادَةُ المُسْلِمِينَ فَإِنَّهَا تَجُوزُ عَلَى جَمِيعِ الْمِلَلِ" (٥).

فإن اعترض على هذا الحديث بأن في إسناده عمر بن راشد اليمامي وقد ضعفه يحيى بن معين وغيره؛ قُلْنَا: قد قال فيه أحمد العجلي: لا بأس به.

فَإن قِيلَ: فمفهومه أنه تقبل شهادته على أهل دينه؛ قُلْنَا: هم لا يقولون بالمفهوم ونحن لا نقول به هنا أَيضًا لقيام الدليل الدال على رد شهادتهم مطلقًا فسقط القول به هنا بالإجماع.

ولنا أَيضًا أن كل من لم تقبل شهادته على المسلمين لم تقبل شهادته على غيرهم


(١) الطلاق: الآية ٢.
(٢) البقرة: الآية ٢٨٢.
(٣) "الأم" (٦/ ١٤٢).
(٤) "صحيح البخاري" (٤٤٨٥) من حديث أبي هريرة.
(٥) "السنن الكبير" (١٠/ ١٦٣).
وقد ضعف عمر بن راشد أبو حاتم في "العلل" (١٤٢٠)، وابن عدي في "الكامل" (١١٨٩) وذكر تضعيف أحمد وابن معين والبخاري والنسائي. وكذا الحافظ في "التقريب" (٤٨٩٤).

<<  <   >  >>