للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسقه لعدم تعين ذلك عليه إذ غيره يقوم مقامه.

واحتج من نصر قول الإمام أحمد في جواز شهادة أهل الذمة على المسلمين في الوصية في السفر بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ}. . . (١) الآية، وما روي في القصة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أجاز شهادة تميم الداري وعدي بن بداء على ذلك وهما نصرانيان (٢).

قُلْنَا: اختلف في تفسير الآية: فروي عن الحسن أنه قال: {مِنْ غَيْرِكُمْ} (٣) قال: يعني من غير قبيلتكم من المسلمين، وكذلك قاله عكرمة وغيره، ورجح الإِمام الشافعي رحمه اللَّه هذا التأويل بقوله تعالى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} (٤) والصلاة الموقتة للمسلمين، ولئن سلم أن المراد بقوله تعالى: {مِنْ غَيْرِكُمْ} من غير دينكم؛ فقد روى البيهقي (٥) عن ابن عباس -رضي اللَّه عنه- أنها منسوخة.

قال الشافعي رحمه اللَّه: وناسخها قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (٦).

وأما قصة تميم الداري وعدي بن بداء فلم يكونا شاهدين بل كانا وصيين بمعنى أنهما حملة تركة السهمي الذي مات معهما إلى أهله ولذلك أحلفهما النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنهما ما خانا ولا كتما فلم تكن ثم شهادة.

الثَّانِي: الصَّبِيّ:

فلا تقبل شهادة الصبي لأنه غير مكلف.

وقال مالك رحمه اللَّه: تقبل شهادة الصبيان على الجراحات الواقعة بينهم في الملعب ما لم يتفرقوا.

وهو رواية عن الإِمام أحمد رحمه اللَّه، وعنه رواية أخرى أنه تقبل شهادتهم مطلقًا


(١) المائدة: الآية ١٠٦.
(٢) رواه البخاري (٢٧٨٠).
(٣) المائدة: الآية ١٠٦.
(٤) المائدة: الآية ١٠٦.
(٥) "السنن الكبير" (١٠/ ١٦٤).
(٦) الطلاق: الآية ٢.

<<  <   >  >>