ما يعرف من الأخلاق الحسنة، وعلمنا تنزيلًا جاءه من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لا يُشبهه شيء غيره فصدقناه وآمنا به وعرفنا أن ما جاء به هو الحق من عند اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ففارقنا عند ذلك قومنا وآذونا.
فقال النجاشي: هل معكم مما نزل عليه شيء تقرءونه علي؟
قال جعفر -رضي اللَّه عنه-: نعم، فقرأ {كهيعص} فلما قرأها بكى النجاشي حتى اخضلت لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم.
فقال النجاشي -رضي اللَّه عنه-: إن هذا والكلام الذي جاء به موسى ليخرجان من مشكاة واحدة (١).
وأخبرنا أبو الربيع بن قدامة القاضي سماعًا عليه، عن إسماعيل بن علي بن باتكين، أنا أبو بكر أحمد بن المقرئ، أنا أبو الطاهر أحمد بن محمد الباقلاني، أنا ضمرة بن الحسن الكوفي، ثنا علي بن محمد الشونيزي، ثنا أحمد بن زنجويه المخرمي، ثنا إبراهيم بن المنذر، ثنا محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، فذكر قصة الهجرة إلى الحبشة وبعث قريش إلى النجاشي -رضي اللَّه عنه- في شأنهم، وذكر نحوًا مما تقدم وزاد فيه أن جعفرًا -رضي اللَّه عنه- قال للنجاشي:
وأما عيسى بن مريم فهو عبد اللَّه ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وابن العذراء البتول.
قال: فأخذ -يعني النجاشي- عودًا منها -يعني الأرض- فقال: واللَّه ما زاد ابن مريم على هذا وزن هذا العود.
فقال عظماء الحبشة: واللَّه لئن سمعت الحبشة بهذا لتخلعنك.
فقال النجاشي: واللَّه لا أقول في عيسى ابن مريم غير هذا أبدًا. . . وذكر بقية القصة بكمالها.
أخبرنا محمد بن أبي العز الدمشقي وأحمد بن أبي طالب الصالحي ووزيرة بنت عمر التنوخي قالوا: أنا الحسين بن المبارك، أنا عبد الأول بن عيسى، أنا أبو الحسن
(١) رواه أحمد (١/ ٢٠١) من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن.