بالنكاح لم يبعد أن يصرف من حكم من أحكام النكاح إلى حكم آخر بالنية.
وَالثَّانِي: إن كون الحرام صريحًا في إلزام الكفارة ليس على سبيل القطع بل يحتمل الطلاق وغيره؛ لأنه مجتهد فيه وقد اختلف الصحابة فيه كثيرًا كما تقدم فيجوز أن يكون كناية في غيره كلفظ الخلع فإنه على القول بأنه فسخ، وهو الذي اختاره جماعة من الأصحاب ونصره الجمهور في الخلاف يكون صريحًا فيه ومع ذلك إذا نوى به الطلاق كان طلاقًا؛ لأن كونه فسخًا ليس على سبيل القطع بل هو مجتهد فيه بخلاف لفظ الطلاق والظهار والعتق ونحو ذلك فإن كلل لفظ منها مقطوع بصراحته في حقيقته فإذا وجد نفاذًا فيه لا ينصرف إلى غيره بالنية.
وقد قالوا فيما إذا قال لأمته:"أنت علي حرام، ونوى به الظهار أنه لا يصير ظهارا؛ لأنه لا مجال فيه للأمة عندنا فيلغو.
وقال صاحب "الشامل": عندي أن نية الظهار كنية التحريم؛ لأن معنى نية الظهار أن ينوي أنها كظهر أمه في التحريم وهذا نية التحريم بصفة (ص ٤٤) مؤكدة.
قُلْتُ: وأيضًا إذا كان اللفظ صريحًا في وجوب الكفارة عند الإطلاق على الأظهر فينبغي أن تلغو نية الظهار فيبقى اللفظ مطلقًا فلا يلغى اللفظ بل تجب به الكفارة لاسيما وقد ذكروا في إطلاق هذا اللفظ في الأمة طريقين:
أَظْهَرْهُمَا: أنه على الخلاف في الزوجة.
وَالثَّانِيَةُ: القطع بوجوب الكفارة لورود هذه القصة في تحريم الأمة كما تقدم، ويتحصل من ذلك بالنسبة إلى مطلق اللفظ في الزوجة والأمة ثلاثة أقوال:
ثَالِثُهَا: الفرق بين الأمة والزوجة، والأظهر فيهما وجوب الكفارة كما تقدم ولذلك قال ابن الصباغ: ينبغي أن لا يفرق أن يقول: أردت بقولي أنت حرام التحريم وبين أن يقول: لم أرد به شيئًا؛ لأن اللفظ صريح في المعنى فلا وجه لاعتبار النية.
قال الرافعي: وحاصل هذا طريقة جازمة بأن صورة الإطلاق حكمها حكم ما لو قال: قصدت التحريم، ثم قال بعد ذلك: واعلم أنه قد تكرر في كلام الأصحاب أن قوله: "أنت علي حرام" هل هو صريح في الزام الكفارة أو كناية؟
وفي الحقيقة ليس لزوم الكفارة أو التزامها معنى اللفظ حتى يقال: هو صريح فيه