الطلاق، ثم قال لها ذلك بعد مدة؛ فقال أبو العباس الروياني: يحتمل وجهين:
أَحَدُهُمَا: الحمل على الطلاق؛ لكلامه السابق.
وَالثَّانِي: أنه كما لو ابتدأ به؛ لاحتمال أن نيته قد تغيرت.
قُلْتُ: وهذا أيضًا انما يجيء كما تقدم، وقد صحح النووي الوجه الثاني.
الْخَامِسَةُ: إن نوى به التحريم أو أطلق وقلنا بوجوب الكفارة وكانت الزوجة تعتد عن وطء شبهة أو محرمة أو كانت الأمة مجوسية أو مرتدة أو معتدة أو مزوجة؛ ففيه وجهان:
أَحَدُهمُا: أنه لا يجب عليه شيء؛ لأنها محرمة في الحال فهو صادق في وصفها بذلك؛ وإنما أوجب الشارع ذلك إذا خالف حكمه ووصف الحلال بالحرمة فهو كما لو كانت الأمة أخته فإن الكفارة لا تجب قولًا واحدًا.
وَالثَّانِي: أنها تجب؛ لأنها محل الاستباحة في الجملة بخلاف الأخت فيكون كما لو كانت حائضًا أو نفساء أو صائمة ومقتضى هذا التوجيه أن الكفارة تجب في هؤلاء قطعًا وهو المذهب المشهور؛ لأن هذه الأمور عوارض سريعة الزوال، وقد طرد الحناطي الخلاف فيهن أيضًا وهو ضعيف، وكذلك طرد الحناطي الخلاف أيضًا فيما إذا خاطب به الرجعية وهو ما أبداه الإمام احتمالًا، والجمهور جزموا بأنه لا شيء عليه.
السَّادِسَةُ: إذا قال: "كل ما أملكه حرام علي" وله زوجات وإماء ونوى تحريمهن أو أطلق وجعلناه صريحًا، أو قال لزوجاته الأربع: "أنتن علي حرام" والصورة ما ذكرنا (٤٧) فهل تتعدد الكفارة أم تكفي كفارة واحدة؟
فيه طرق يرجع حاصلها إلى ثلاثة أقوال:
أَصَحُّهَا: أنه كفارة واحدة كما لو حلف أن لا يكلم جماعة فكلمهم.
وَالثَّانِي: تتعدد الكفارة بتعدد الأشخاص كما قيل على قول فيمن ظاهر من نسوة بكلمة واحدة.
وَالثَّالِثُ: أنه تجب للزوجات كفارة وللإماء كفارة.
قال الرافعي: وحكى الحناطي وجهًا ضعيفًا أنه يكفر للمال أيضًا وربما جاء على ضعفه فيما إذا وصف المال بالتحريم.