للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصلاة في البيت نور (١).

وقال القاضي الماوردي في كتابه "الحاوي": قال الشافعي -رضي اللَّه عنه-: وأما قيام شهر رمضان فصلاة المنفرد أحب إليه منه، وفيه تأويلان لأصحابنا:

أحدهما: أنه أراد بذلك أن قيام شهر رمضان وإن كان في جماعة ففي النوافل التي تفعل فرادى ما هو أوكد منه، وذلك الوتر وركعتا الفجر، وهذا قول أبي العباس بن سريج.

والتأويل الثاني: أن صلاة المنفرد في قيام شهر رمضان أفضل إذا لم يكن في انفراده تعطيل الجماعة، وهو قول أكثر أهل العلم؛ وإنما كان ذلك لرواية زيد بن ثابت -رضي اللَّه عنه- أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "صلوا في بيوتكم فإن صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في المسجد إلا المكتوبة" فأما إن تعطلت الجماعة بانفراده فصلاته في الجماعة أفضل لما في تعطيلها من إطفاء نور المساجد وترك السنة المأثورة، وهذا منه اختيار للوجه الثالث المقابل بالتفضيل في صلاة التراويح وهو أنه إن كانت الجماعة تتعطل بغيبته أو كان إذا خلا في بيته يغلبه النوم أو الكسل فلا يصلي؛ ففعلها في الجماعة أفضل وإلا فالانفراد بها أفضل، وما اختاره من تأويل نص الشافعي فهو أظهر من التأويل الذي قبله، ومن الأصحاب من قال بترجيح الانفراد بها مطلقًا، ومنهم من اختار فعلها في الجماعة مطلقًا، وهو الذي رجحه الشيخ محيي الدين كما سبق، وليس ذلك لترجيح فعل النافلة في المساجد على فعلها في البيوت بل لمشروعية الجماعة في قيام رمضان، وما شرعت فيه الجماعة فإظهاره وفعله خارج البيوت أفضل، وأما ما لم يشرع فيه الجماعة ولم يكن له اختصاص بالمسجد كتحية المسجد ولا ورد الشرع بعمله فيه كركعتي الطواف ففعله في البيوت أفضل وإن كان في أحد المساجد الثلاثة كما سبق تقريره، واللَّه سبحانه أعلم.

آخره والحمد للَّه رب العالمين وصلواته على محمد وسلامه


(١) "الاستذكار" (٢/ ١٤٣).

<<  <   >  >>