للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد للَّه الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب اللَّه عز وجل الموتى، ويبصرون بنور اللَّه أهل العمى، وينقذون بسنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الغرقى، وينجون بهدي السلف رضوان اللَّه عليهم الهلكلى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال شقي قد هدوه، وكم من تائه حيران قد دلوه، وكم من غريق في ظلمات المعاصي قد أنقذوه، وكم من بئيس شقى قد أسعدوه، وكم من أفاك أثيم قد أخرصوه، وكم من مبتدع في الدين إلى السنة ردوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم؛ ينفون عن كتاب اللَّه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا بألسنتهم عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على اللَّه وفي اللَّه وفي كتاب اللَّه بغير علم، يتكلمون في المتشابه من الكتاب، ويخدعون بسطاء الناس بما يشبهون عليهم من التأويلات الفاسدة والتفسيرات الباطلة؛ نعوذ باللَّه من شبه المبطلين، ولكن اللَّه تعالى بين أن دين الإسلام مبني على أصلين هما التوحيد والاتباع، وليس الهوى والابتداع:

أَمَّا الأَصْلُ الأَوَّلُ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (١) ألا وهو تجريد التوحيد للَّه عز وجل.

وَأَمَّا الأَصْلُ الثَّانِي فَقدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٢) ألا وهو تجريد المتابعة للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقال عن أهل الأهواء والابتداع: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ


(١) الزمر: الآية ٣.
(٢) الحشر: الآية ٧.

<<  <   >  >>