للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَمَا اسْتَنْفَرَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أهْلَ الكُوْفَةِ لِيَلْحَقُوا بِهِ، وقَدْ اسْتَجَابَ لِلْنَّفِيْرِ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ وعلى رأسِهِم الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ ... وقَدِمُوا عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَتَلَقَّاهُم بِذِي قَارٍ (١) إلى أثْنَاءِ الطَّرِيْقِ في جَمَاعَةٍ، مِنْهُم ابْنُ عَبَاسٍ فَرَحَّبَ بِهِم.

وقال: يا أهْلَ الكُوْفَةِ أنْتُمْ لَقِيْتُمْ مُلُوْكَ العَجَمِ وفَضَضْتُمْ جُمُوْعَهُم، وقَدْ دَعَوْتُكُمْ لِتَشْهَدُوا مَعَنا إخْوَانَنَا مِنْ أهْلِ البَصْرَةِ.

فإنْ يَرْجِعُوا فَذَاكَ الَّذِي نُرِيْدُهُ، وإنْ أبَوْا دَاوَيْنَاهُم بالرِّفْقِ حتى يَبْدَؤُنَا بالظُّلْمِ، ولَنْ نَدَعَ أمرًا فيه صَلاحٌ إلاَّ آثَرْنَاهُ عَلَى ما فِيْهِ الفَسَادُ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالى (٢).

وفي هذا تَوْضِيْحٌ لِمَقْصَدِ أمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وأنَّ مَقْصَدَهُ الأوَّلَ والأخِيْرَ: هو طَلَبُ الإصْلاحِ، وأنَّ القِتَالَ كَانَ غَيْرَ مُحَبَّبٍ إلِيْهِ، لا سِيَّمَا مَعَ إخْوَانِهِ البَرَرَةِ أصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وهَكَذا كَان مَقْصَدُ أُمِّ المُؤْمِنِيْنِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وطَلْحَةَ والزُّبَيْرِ مِنْ


(١) ذُو قَارٍ: مَاءٌ لبكْرِ بنِ وَائِلٍ، قَرِيْبٌ مِنَ الكُوْفَةِ بَيْنَها وبَيْنَ وَاسِطٍ ... وفِيْهِ كَانَتْ الوَقْعَةُ المَشْهُوْرَةُ بَيْنَ بَكْرِ بنِ وَائِلٍ، والفُرْسِ «مُعْجَمُ البُلْدَانِ» لياقُوْتَ الحَمَوِيِّ (٤/ ٢٩٣).
(٢) «تَارِيْخُ الأُمَمِ والمُلُوْكِ» لابنِ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيِّ (٤/ ٤٧٧ - ٤٧٨)، و «الكَامِلُ» لابنِ الأثِيْرِ (٣/ ٢٢٧ - ٢٣٢)، و «البِدَايَةُ والنِّهايَةُ» لابنِ كَثِيْرٍ (٧/ ٢٥٧ - ٢٥٨).

<<  <   >  >>