كتاب نزهة الأنظار في عجائب التواريخ والأخبار

الباب الثالث: في ذكر فتوحات المغرب الواقعة في أيام الصحابة ومن بعدهم من بني أمية - ولاية عقبة بن نافع وغزواته - ج: 1 - ص: 217

فلما (١٠٦) استشهد عقبة وأصحابه، جمع كسيلة أهل المغرب، وزحف بهم يريد القيروان، فاشتعلت (١٠٧) افريقية نارا، وعظم البلاء على المسلمين، ومضى كسيلة بالعساكر حتى جاوز (١٠٨) القيروان فخرجت العرب منها هاربة، ولم يكن لهم بحربه من طاقة لعظم ما اجتمع عليه من الروم والبربر، وأسلموا القيروان وبقي بها أصحاب العيال، وكل مثقل من التجار وأهل الذمّة، فحار الناس ولم يدروا كيف يفعلون فأرسلوا إلى كسيلة يسألونه الأمان فأجابهم إلى ذلك، ودخل القيروان (١٠٩) إلى الموضع الذي كان فيه عقبة فنزله وأقام بها أميرا، وصارت بقيّة المسلمين تحت يده، ومضى الذين هربوا حتى قدموا على يزيد فوجدوه قد مات، وذلك في سنة أربع وستين» (١١٠). «قال في «معالم الإيمان» (١١١): وقيل إن زهير بن قيس البلوي - خليفة عقبة - ثبت بالقيروان حين (١١٢) زحف إليه كسيلة البربري، وخرج الروم من حصونهم، ونقضوا العهود، وزحف كسيلة وقاتله زهير قتالا شديدا، فانهزم كسيلة وقتل من أصحابه ما لا يحصى، ومضت عنه تلك الجموع فهرب الرّوم وتفرقت جموعهم فأقام زهير يسيرا بالقيروان، ثم خرج إلى مصر، وذلك في سنة خمس وستين (١١٣)، فوجد يزيدا قد مات وعبد الله بن الزبير خليفة / بمكّة ومروان بن الحكم أميرا (١١٤) بالشام (١١٥).

(واعلم أن عقبة بن نافع - رضي الله تعالى عنه -) (١١٦) ولد على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولم يرو عنه شيئا، وكان رجلا صالحا، مستجاب الدعاء، وله كرامات، منها ما رواه عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد الحكم (١١٧)، أن عقبة بن نافع أصابه في بعض مغازيه بالمغرب عطش شديد هو وأصحابه أشرفوا منه على الموت، فصلّى عقبة ودعا الله - عزّ

---

(١٠٦) النقل من ١/ ٥١.
(١٠٧) في المعالم: «فانقلبت».
(١٠٨) في الأصول: «وصل» والمثبت من المعالم ١/ ٥٥.
(١٠٩) بعدها في ت: «وسار».
(١١٠) ٦٨٣ - ٦٨٤ م. تصرف المؤلف في النقل عن المعالم بالحذف وتبديل بعض الكلمات.
(١١١) في مكانها في المعالم: «وذكر أبو العرب أن» ١/ ٥٥ وتصرف المؤلف بعد ذلك بالحذف قرابة صفحة.
(١١٢) في المعالم: «حتى».
(١١٣) ٧٨٤ - ٧٨٥ م.
(١١٤) في الأصول: «خليفة» والمثبت من المعالم ١/ ٥٧.
(١١٥) نقل الفقرة التي انتهت بتصرف حذفا وتلخيصا ١/ ٥٥ - ٥٦.
(١١٦) إضافة من المؤلف إذ انتقل بعدها إلى موضع آخر من المعالم حيث يترجم فيه لعقبة ١/ ١٦٤.
(١١٧) ابن عبد الحكم: الفتوح ١٩٥، ونقله الدباغ عن المالكي: الرياض ١/ ٩٨ والنص في فتوح مصر ١٩٤ - ١٩٥. ومسالك البكري ١٣ - ١٤ وهو أوفى من نص ابن الحكم المطبوع.