قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قدْ تبيَّنَ بما ذُكر أن الصواب أن "ماجه" يقرأ بالهاء الساكنة وصلًا ووقفًا، وأما ما اشتهر في الآونة الأخيرة من قراءته وكتابته بالتاء المربوطة، فغلطٌ؛ لأنه لم يثبت ممن يُعتمد قوله، ومن العجيب الغريب أن محقّق "سنن ابن ماجه" الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي قال فيما كتبه في آخر الكتاب بعد أن أورد الكتب التي كتبته بالهاء، وما قاله ابن خلّكان من ضبطه بالهاء الساكنة: ما نصه: وهل بعد ضبط ابن خلّكان مقالٌ لإنسان؟. فأصاب، ولكن الغريب العجيب أنه أورد بعد ذلك الكتب التي كتبته بالتاء المربوطة، ثم قال: وإنما أتعبت معي القرّاء لكيلا يُخطّىء بعضهم بعضًا، ممن قال:"ابن ماجه" -أي بالهاء- فهو على صواب، وأمامه ما يأتسي به، ومن قال:"ابن ماجة" -أي بالتاء- فهو على بيّنة أيضًا، وليس بضارّه شيئًا أن يخالفه سواه. انتهى.
وهذا هو العجب العجاب، فأين البيّنة على هذا، فهل توارد المطابع في الغلط يكون بيّنة على تصويب الغلط، كلّا ثم كلّا، فهلا يأتينا ببيّنة واحدةٍ من كلام المحققين، كابن خلّكان، وصاحب القاموس، كما فعل في الهاء الساكنة، فهيهات، هيهات.
والحاصل أن قراءة "ابن ماجه" وكتابته بالهاء الساكنة وصلًا ووقفًا هو الصواب الذي لا يجوز سواه، فإنه اسم عجميّ، يُنطق به كما سُمع، فكما لا يقال في "سيبويه، ونفطويه، وواهويه، ونحوها": سيبوية، ونفطوية، وراهوية بالتاء المربوطة، لا يقال هنا أيضًا:"ابن ماجة" بالتاء، فافهم، وتبصّر بالإنصاف، ولا تتهَوَّر بتقليد ذوي الاعتساف، والله تعالى يتولّى هداك، اللهم اهدنا فيمن هديت آمين.
وإنما أطلت في هذا البحث؛ لأني رأيت من يدّعي صحّة "ابن ماجة" بالتاء، ويخاصم في ذلك مستندًا إلى ما كتبه الأستاذ المذكور، فأحببت أن يتبيّن الحقّ، ولا يُغترّ بمثله. والله تعالى أعلم.
[تنبيه آخر]: عدد كتب "سنن ابن ماجه" اثنان وثلاثون كتابا. وقال أبو الحسن القطان: في "السنن" ألف وخمسمائة باب، وجملة ما فيه أربعة آلاف حديث. ذكره الذهبي في "سيره". (١). وذكر الأستاذ محمد فؤاد أن عدد كتبه (٣٧) عدا المقدّمة، وعدد