وقرأ أبو السّمّال "كلّ" بالرفع على الابتداء، ومن نصب فبإضمار فعل، وهو اختيار الكوفيين؛ لأن "إنّ" تطلب الفعل فهي به أولى، والنصب أدلّ على العموم في المخلوقات لله تعالى؛ لأنك لو حذفت "خلقنا" المفسّر، وأظهرت الأول لصار إنا خلقنا كلَّ شيء بقدر، ولا يصحّ كون خلقنا صفة لـ "شيء"؛ لأن الصفة لا تعمل فيما قبل الموصوف، ولا تكون تفسيرًا لما يعمل فيما قبله. انتهى (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا أخرجه مسلم.
[فإن قلت]: كيف يصحّ، وفيه زياد بن إسماعيل، وقد تكلموا فيه؟.
[قلت]: الحديث أخرجه مسلم، وزياد وإن ضعفه ابن معين، فقد روى عنه ابن جريج، والثوريّ، وقال ابن المدينيّ: رجل من أهل مكة معروف، وقال النسائيّ: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: يُكتب حديثه، ووثقه ابن حبّان، وأخرج مسلم هذا الحديث من طريقه، فتصحيح حديث مثله غير بعيد. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا (١٠/ ٨٣) بهذا السند فقط، وأخرجه (مسلم) في "كتاب القدر"(٦٦٩٤) و (الترمذيّ) في "كتاب القدر"(٢١٥٧) و"التفسير"(٣٢٩٠) و (أحمد) في "مسنده" ٢/ ٤٤٤ و ٤٧٦ و (البخاريّ) في "خلق أفعال العباد"(١٩) و (الطبريّ) في "تفسيره" ٢٧/ ١١٠ و (ابن حبان) في "صحيحه"(٦١٣٩)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): ما ترجم له المصنّف، وهو إثبات القدر، وبيان وجوب الإيمان به.