للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والباقون تقدّموا قبل حديثين، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

عَنْ أَبِي حيّة الكلبيّ (عَن) عبد الله (بْنِ عُمَرَ) بن الخطّاب رضي الله عنهما، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "لَا عَدْوَى) بفتح العين، وسكون الدال المهملتين، وفتح الواو مقصورًا.

قال ابن الأثير رحمه الله: هو اسم من الإعداء، كالرَّعْوَى، والْتقْوَى، من الإِرْعاء، والإبقاء، يقال: أعداه الداء يُعْدِيه إِعْدَاءً، وهو أن يُصيبه مثلُ ما بصاحب الداء، وذلك أن يكون ببعير جَرَب مثلًا، فَتُتّقى مخُالطته بإبل أخرى حِذَارًا أن يَتَعَدّى ما به من الجرَب إليها فيُصيبها ما أصابه. وقد أبطله الإسلام؛ لأنهم كانوا يظنّون أن المرض بنفسه يتعدّى، فأعلمهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه ليس الأمر كذلك، وإنما الله سبحانه وتعالى هو الذي يُمرض، ويُنزل الداء، ولهذا قال: "فمن أعدى الأول؟ ": أي من أين صار فيه الجرب. انتهى كلام ابن الأثير (١).

وقال التوربشتيّ رحمه الله: العَدْوَى هنا مجازوة العلّة من صاحبها إلى غيره، يقال: أعدى فلان فلانًا من خُلُقه، أو من علّة به، وذلك على ما يذهب إليه المتطبّبة في عِلَلٍ سبع: الجذام، والجَرَب، والجدريّ، والحصبة، والبخر، والرمد، والأمراض الوبائيّة. انتهى (٢).

(وَلَا طِيَرَةَ) قال في "النهاية": بكسر الطاء، وفتح الياء، وقد تُسكّن: هي التشاؤم بالشيء، وهو مصدر تَطَيّر، يقال: تطيّر طِيَرَةً، وتخيّر خِيَرَةً، ولم يجىء من المصادر هكذا غيرهما، وأصله فيما يُقال: التطيّر بالسَّوَانِحِ، والْبَوَارِح من الطير والظباء وغيرهما، وكان ذلك يصدّهم عن مقاصدهم، فنفاه الشرع، وأبطله، ونهى عنه، وأخبر أنه ليس له تأثير في جلب نفع، أو دفع ضرّ. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": "الطِّيَرَة" -بكسر المهملة، وفتح التحتانية، وقد تسكن-: هي


(١) "النهاية في غريب الحديث" ٣/ ١٩٢.
(٢) راجع "الكاشف" ٩/ ٢٩٧٨ - ٢٩٧٩.
(٣) "النهاية" ٣/ ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>