للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

غيرك". انتهى (١).

(وَلَا هَامَةَ) بتخفيف الميم على المشهور، وقيل بتشديدها، قال أبو داود في "سننه": قال بقيّة: سألت محمد بن راشد عن قوله: "لا هامة فقال: كان أهل الجاهليّة يقولون: ليس أحدٌ يموت فيُدفن إلا خرج من قبره هامة. انتهى.

وقال النوويّ: فيها تأويلان:

[أحدهما]: أن العرب كانت تتشاءم بها، وهي من طير الليل. وقيل: هي الْبُومة، قالوا: كانت إذا سقطت على دار أحدهم، فيراها ناعيةً له نفسه، أو بعض أهله، وهو تفسير مالك بن أنس.

[وثانيهما]: أن العرب كانت تعتقد أن عظام الميت، وقيل: روحه تنقلب هامة تطير، وهذا تفسير أكثر العلماء، وهو المشهور، ويجوز أن يكون المراد النوعين معًا، فإنهما باطلان، فبيّن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إبطال ذلك، وضلالة الجاهليّة فيما تعتقده من ذلك. و"الهامة" بتخفيف الميم على المشهور الذي لم يذكر الجمهور غيره. وقيل: بتشديدها. قاله جماعة، وحكاه القاضي عن أبي زيد الأنصاريّ الإمام في اللغة. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قال أبو زيد: "الهامة" -بالتشديد- وخالفه الجميع، فخففوها، وهو المحفوظ في الرواية، وكأن من شدّدها ذهب إلى واحدة الْهَوَامّ، وهي ذوات السموم. وقيل: دواب الأرض التي تَهُمُّ بأذى الناس، وهذا لا يصح نفيه، إلا إن أريد أنها لا تضر لذواتها، وإنما تضر إذا أراد الله إيقاع الضرر بمن أصابته. وقد ذكر الزبير بن بَكّار في "الموفقيات" أن العرب كانت في الجاهلية تقول: إذا قُتِل الرجل، ولم يؤخذ بثأره خرجت من رأسه هامة، وهي دودة، فتَدُور حول قبره، فتقول: اسقوني اسقوني، فإن أُدرك بثأره ذهبت.


(١) "الفتح" ١٠/ ٢٦٢ - ٢٦٣ "كتاب الطبّ" رقم الحديث (٥٧٥٤).
(٢) "شرح مسلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>