للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومات على الإسلام، فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته له، أو قصرت، ومن روى عنه، أو لم يرو، ومن غزا معه، أو لم يغز، ومن رآه رؤيةً، ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارضٍ، كالعمى.

وخرج بقيد "الإيمان" من لقيه كافرًا، ولو أسلم بعد ذلك، إذا لم يجتمع به مرّةً أخرى.

وخرج بقيد "به" من لقيه مؤمنًا بغيره، كمن لقيه من مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة، وهل يدخل من لقيه منهم، وآمن بأنه سيُبعث، أو لا يدخل؟ محلّ احتمال، ومن هؤلاء بَحِيرا الراهب، ونظراؤه.

ويدخل في قوله: "مؤمنًا به" كلّ مكلّف من الجنّ والإنس، فحينئذ يتعيّن ذكر من حُفِظَ ذكرُه من الجنّ الذين آمنوا به بالشرط المذكور. وأما إنكار ابن الأثير على أبي موسى تخريجه لبعض الجنّ الذين عُرفوا في "كتاب الصحابة"، فليس بمنكر؛ لما ذُكر آنفًا.

وقد قال ابن حزم في "كتاب الأقضية" من "المُحَلَّى": من ادّعى الإجماع فقد كذب على الأمّة، فإن الله تعالى قد أعلمنا أن نفرًا من الجنّ آمنوا، وسمعوا القرآن من النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فهم صحابة فضلاء، فمن أين للمدّعي إجماع أولئك؟.

قال الحافظ رحمه الله: وهذا الذي ذكره في مسألة الإجماع لا نوافقه عليه؛ وإنما أردت نقل كلامه في كونهم صحابةً. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "لا نوافقه عليه" محلّ نظر، وما المانع من الموافقة، مع كون الظاهر معه؟ فليُتأمّل. والله تعالى أعلم.

وهل تدخل الملائكة؟ محلّ نظر؟ فقد قال بعضهم: إن ذلك ينبني على أنه هل كان -صلى الله عليه وسلم- مبعوثًا إليهم أم لا؟، وقد نقل الإمام فخر الدين في "أسرار التَّنْزيل" الإجماع على أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يكن مُرسلًا إلى الملائكة، ونوزع في هذا النقل، بل رجّح الشيخ تقيّ الدين السبكيّ أنه كان مُرسلًا إليهم، واحتجّ بأشياء يطول شرحها.

<<  <  ج: ص:  >  >>