للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما كونه آخر الصحابة موتًا مطلقًا، فجزم به مسلم، ومصعب الزبيري، وابن منده، والمزي في آخرين، وفي صحيح مسلم عن أبي الطفيل: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما على وجه الأرض رجل رآه غيري. قال العراقي: وما حكاه بعض المتأخرين عن ابن دُرَيد من أن عِكراش بن ذؤيب تأخر بعد ذلك، وأنه عاش بعد الجمل مائة سنة، فهذا باطل، لا أصل له، والذي أوقع ابنَ دُرَيد في ذلك ابنُ قتيبة، فقد سبقه إلى ذلك، وهو إما باطلٌ، أو مؤول بأنه استكمل المائة بعد الجمل، لا أنه بقي بعدها مائة سنة.

وأما قول جرير بن حازم: إن آخرهم موتًا سهل بن سعد، فالظاهر أنه أراد بالمدينة، وأخذه من قول سهل: لو متُ لم تسمعوا أحدًا يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إنما كان خطابه بهذا لأهل المدينة.

وآخرهم موتًا قبله أنس بن مالك -رضي الله عنه-، مات بالبصرة سنة ثلاث وتسعين، وقيل: اثنتين، وقيل: إحدى، وقيل: تسعين، وهو آخر من مات بها. قال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا مات بعده، ممن رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا أبا الطفيل. وقال العراقي: بل مات بعده محمود بن الربيع بلا خلاف، في سنة تسع وتسعين، وقد رآه، وحَدَّث عنه، كما في "صحيح البخاري"، وكذا تأخر بعده عبد الله بن بُسْر المازني، في قول من قال: وفاته سنة ست وتسعين.

وآخرهم موتًا بالمدينة سهل بن سعد الأنصاري -رضي الله عنه-، قاله ابن المديني، والواقدي، وإبراهيم بن المنذر، وابن حبان، وابن قانع، وابن منده، وادعى ابن سعد نفي الخلاف فيه، وكانت وفاته سنة ثمان وثمانين، وقيل: إحدى وتسعين، وقال قتادة: بل مات بمصر. وقال ابن أبي داود: بالإسكندرية.

وقيل: السائب بن يزيد، قاله أبو بكر بن أبي داود، وكانت وفاته سنة ثمانين.

وقيل: جابر بن عبد الله، قاله قتادة وغيره، قال العراقي: وهو قول ضعيف؛ لأن السائب مات بالمدينة بلا خلاف، وقد تأخر بعده، وقيل: بمكة، وكانت وفاته سنة

<<  <  ج: ص:  >  >>