يقول إلخ (أَنِّي) بفتح الهمزة، وكسرها، فالفتح على تقدير حرف التعليل: أي لأني، والكسر على أن الجملة تعليلية (كنْتُ أُكْثِرُ) بضم أوله، وكسر ثالثه، بصيغة المضارع للمتكلّم (أَنْ أسمعَ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم-)"أن" مصدريّة، والمصدر المؤوّل مفعول "أُكْثِرُ" أي أكثر سماعي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
[تنبيه]: ضبط "أُكْثِرُ" بصيغة المضارع هو الظاهر، وهو الذي وقع في نسخ "صحيح مسلم" مضبوطًا بالقلم، وأما ما وقع في شرح السنديّ من ضبطه بصيغة أفعل التفضيل، وقال في حلّه:"أكثر" بالرفع على أنه مبتدأ محذوف الخبر من قبيل "أخطب ما يكون الأمير"، والجملة خبر "كنت"، إلخ كلامه، فتكلّف بارد، فتأمله بالإنصاف. والله تعالى أعلم.
ولفظ البخاريّ:"وحسبت أني كثيرًا أسمع النبيّ" -صلى الله عليه وسلم-، وفي رواية له:"لأني كثيرًا ما كنت أسمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". قال في "الفتح": واللام للتعليل، و"ما" إبهاميّة مؤكّدة، و"كثيرًا" ظرف زمان، وعامله "كان" قُدِّم عليه، وهو كقوله تعالى:{قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ}، ووقع للأكثر "كثيرًا مما كنت أسمع" بزيادة "من"، "ووُجّهت بأن التقدير أني أجد كثيرا مما كنت أسمع". انتهى (١).
وقوله (يَقُولُ) جملة في محلّ نصب على الحال من "رسول الله": أي حال كونه قائلًا (ذَهَبْتُ أنا وَأبو بَكْرٍ وَعُمَرُ) أي إلى مكان كذا، هكذا رواية المصنّف رحمه الله بتأكيد المرفوعِ المتّصل بالمنفصل؛ ليصحّ العطف عليه، كما قال في "الخلاصة":
ووقع في "صحيح البخاري" بلا تأكيد ما عدا رواية الأصيليّ، ففيها بالتأكيد، فقال ابن التين: الأحسن عند النحاة أن لا يُعطف على الضمير المرفوع إلا بعد تأكيده،