لأقربكم يوم القيامة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن أقربكم مني يوم القيامة مَنْ خَرَج من الدنيا كهيئته يوم تركته عليه"، وإنه والله ما منكم من أحد إلا وقد تَشَبّثَ منها بشيء غيري. رجاله ثقات، إلا أن فيه انقطاعًا؛ لأن عراكًا لم يسمع من أبي ذرّ.
وأخرج أحمد والترمذيّ عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أظلت الخضراء، ولا أقلت الغبراء، من رجل أصدق لهجة من أبي ذر"(١).
وفي الباب عن أبي الدرداء، وأبي هريرة، وغيرهما. قال أَبو إسحاق عن هانئ بن هانئ، عن علي -رضي الله عنه-: أَبو ذر وِعاءٌ مُليَء علمًا أُوكِىء عليه، فلم يخرج منه شيء. وقال الآجري عن أبي داود: لم يشهد بدرًا، ولكن عمر ألحقه، وكان يوازي ابن مسعود في العلم.
قال خليفة، وعمرو بن علي، وغير واحد: مات بالرَّبَذَة سنة اثنتين وثلاثين، زاد المدائني "وصَلَّى عليه ابن مسعود، ثم مات بعده بيسير. ومناقبه وفضائله كثيرة جدّا.
أخرج له الجماعة، وله في هذا الكتاب (٣٧) حديثًا، والله تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
١ - (منها): أنه من سداسيّات المصنّف رحمه الله.
٢ - (ومنها): أن رجاله من رجال الصحيح، غير شيخه، فقد تفرّد به، وهو صدوقٌ، وغضيف بن الحارث، فتفرد به هو، وأبو داود، والنسائي، وهو ثقة.
٣ - (ومنها): أن هذا الباب أول محلّ ذكرهم، غير ابن إسحاق، وجملة ما رواه المصنف لشيخه يحيى (١١) ولعبد الأعلى (٤٧) ولمكحول (١٩) وغضيف حديثان فقط، ولأبي ذرّ -رضي الله عنه- (٣٧) حديثًا.
٤ - (ومنها): أن فيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض: ابن إسحاق، عن مكحول، عن غضيف.
(١) حديث صحيح، أخرجه أحمد في "مسنده" (٦٣٤١) و"الترمذيّ" (٣٧٣٧).