بضبعي عثمان -رضي الله عنه-، وفي حديث مرة بن كعب -رضي الله عنه- عند الترمذيّ: فقمت إليه، فأقبلت عليه بوجهه، والمعنى أنه أدار وجه عثمان -رضي الله عنه- إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ليتبيّن الأمر عليه (فَقُلْتُ: هَذَا؟) أي أهذا هو الرجل الذي قلتَ: إنه يومئذ على الهدى؟ (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (هَذَا) خبر لمحذوف: أي هو هذا، أو مبتدأ محذوف الخبر: أي هذا هو المعنيّ. وفيه مبالغة في استحضار القضيّة، وتأكيدها بتحقّق الصورة الجليّة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث كعب بن عُجْرة -رضي الله عنه- هذا صحيح.
[فإن قلت]: كيف يصحّ، وفيه انقطاع؛ لأن ابن سيرين لم يسمع من كعب بن عجرة -رضي الله عنه-، كما ذكره في "تهذيب التهذيب" ٣/ ٥٧٨ نقلًا عن ابن أبي حاتم عن أبيه، وقال في "المراسيل" جـ ٢/ ص ٣٨٠ - ٣٨١ يقال: هذا الحديث عن كعب بن مرّة البهزيّ انتهى؟.
[قلت]: إنما صحّ بشواهده، فقد أخرجه الإمام أحمد في "مسنده"، فقال:
(١٨٠٦٨) حدثنا محمد بن بَكْر -يعني البرساني- أخبرنا وهيب بن خالد، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، قال: قامت خطباء بإيلياء في إمارة معاوية -رضي الله عنه-، فتكلموا، وكان آخر من تكلم مُرّة بن كعب، فقال: لولا حديث سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قمت، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكر فتنة، فقربها، فمر رجل مُتَقَنِّعٌ، فقال:"هذا يومئذ وأصحابه على الحق والهدى"، فقلت: هذا يا رسول الله، وأقبلت بوجهه إليه؟ فقال:"هذا"، فإذا هو عثمان -رضي الله عنه-.
وهذا حديث صحيح، رجال إسناده ثقات، رجال الشيخين، غير أبي الأشعث، واسمه شَرَاحيل بن آدة -فمن رجال مسلم، وصحابيّ الحديث لم يُخرج له سوى أصحاب السنن (١).
(١) راجع ما كتبه محقّقوا "المسند" ٢٩/ ٦٠٩ رقم الحديث (١٨٠٦٨).