من أهل اللغة بترادفهما، لكن روى أحمد، والترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما:"كانت راية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سوداء، ولواؤه أبيض"، ومثله عند الطبراني عن بُريدة -رضي الله عنه-، وعند ابن عدي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وزاد مكتوبًا فيه:"لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وهو ظاهر في التغاير، فلعل التفرقة بينهما عرفية. وقد ذكر ابن إسحاق، وكذا أَبو الأسود، عن عروة: أن أول ما وُجدت الرايات يوم خيبر، وما كانوا يعرفون قبل ذلك إلا الألوية. قاله في "الفتح"(١).
(يُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ الله وَرَسُولُهُ، لَيْسَ بِفَرَّارٍ) بفتح الفاء، وتشديد الراء، وفي حديث بُريدة:"لا يَرجع حتى يفتح الله عليه"(فَتَشَرَّفَ لَهُ النَّاسُ) بتشديد الراء: أي تطلّعوا، وتعرّضوا للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- ليبعثهم لفتح خيبر، وفي نسخة:"فتشَوّف" بالواو المشدّدة بدل الراء، وهو بمعناه. وفي حديث سلمة بن الأكوع عند البخاريّ:"فنحن نرجوها"، وفي حديث سهل بن سعد عنده:"فبات الناس يَدُوكُون ليلتهم أَيُّهم يعطاها". وقوله:"يدوكون" بمهملة مضمومة: أي باتوا في اختلاط واختلاف، والدَّوْكة بالكاف: الاختلاط. وعند مسلم من حديث أبي هريرة:"أن عمر قال: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ"، وفي حديث بُريدة:"فما منا رجل له منزلة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا وهو يرجو أن يكون ذلك الرجل، حتى تطاولتُ أنالها، فدعا عليّا، وهو يشتكي عينه، فمسحها، ثم دفع إليه اللواء". (فَبَعَثَ إِلَى عَليٍّ) -رضي الله عنه-، وعند مسلم من طريق إياس ابن سلمة عن أبيه، قال:"فأرسلني إلى عليّ، قال: فجئت به أقوده، أرمد، فبزق في عينه فبرأ". فبيّن بهذه الرواية أن الذي أرسله النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ليأتي له بعليّ هو سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-.
[تنبيه]: ذكر في "صحيح البخاريّ" قصّة عليّ -رضي الله عنه- في هذه الواقعة، فقال: كان عليّ -رضي الله عنه- تخلّف عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في خيبر، وكان رمدًا، فقال: أنا أتخلّف عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فلحق به.
وقوله:"فلحق به" يحتمل أن يكون لحق به قبل أن يصل إلى خيبر، ويحتمل أن