أسبق إيمانًا من أبي بكر -رضي الله عنه-، وفي "الإصابة" في ترجمة عليّ -رضي الله عنه-: هو أول الناس إسلامًا في قول كثير من أهل العلم (لَا يَقُولهُا) أي هذه الكلمة، أعني الصدّيق الأكبر (بَعْدِي إِلَّا كَذَّابٌ) أي لأنه لم يبق بعده أحد ممن له فضل مثله -رضي الله عنه- (صَلَّيْتُ قَبْلَ النَّاسِ بِسَبْعِ سِنِينَ) قال السنديّ: ولعله أراد به أنه أسلم صغيرًا، وصلى في سنّ الصغر، وكلّ من أسلم من معاصريه ما أسلم في سنّه، بل أقلّ ما تأخّر معاصروه عن سنه سبع سنين، فصار كأنه صلى قبلهم سبع سنين، وهم تأخّروا عنه بهذا القدر، ولم يُرد أنه كان سبع سنين مؤمنًا مصلّيًا، ولم يكن غيره في هذه المدّة مؤمنًا أو مصلّيًا، ثم آمنوا وصلَّوا، ويحتمل أنه قال ذلك حسبما اطّلع عليه، وفيه بُعْد لا يخفى. والله تعالى أعلم، انتهى كلام السنديّ. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: حديث عليّ -رضي الله عنه- هذا إسناده ضعيف، ومتنه باطلٌ، وإن قال البوصيريّ في "مصباح الزجاجة": وهذا إسناده صحيح رجاله ثقات، رواه أَبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده" من طريق أبي سليمان الجهنيّ عن عليّ -رضي الله عنه-، فذكره، وزاد:"لا يقولها قبلي"، ورواه محمد بن يحيى بن أبي عمر في "مسنده" بإسناده ومتنه، وزاد في آخره: فقال له رجل: فأصابته جنّة، ورواه الحاكم في "المستدرك" من طريق المنهال بن عمرو به، وقال: صحيح على شرط الشيخين. انتهى. والجملة الأولى في "جامع الترمذيّ" من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: "أنت أخي في الدنيا والآخرة"، وقال: حديث حسن غريب. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قول البوصيريّ رحمه الله: إسناده صحيح، ورجاله ثقات، محلّ عجب؛ إذ في سنده عباد بن عبد الله الأسديّ الكوفيّ، ضعيف، ولعله التبس عليه بعباد بن عبد الله بن الزبير الأسديّ التابعيّ الثقة المعروف، فلذا وثق رجاله، والحقّ أنه ضعيف، وقدمنا أقوال أهل العلم فيه، فلا تغترّ بقوله، ولا بقول السنديّ بعد أن ذكر له تأويلًا: ما نصّه: فكان من حكم عليه بالوضع حكم عليه لعدم ظهور معناه، لا لأجل خلل في إسناده، وقد ظهر معناه بما ذكرنا -ولله الحمد- انتهى.