للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ عَبْدِ الله بْنِ شَدَّاد، عَنْ عَليٍّ -رضي الله عنه- قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- جَمَعَ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ غَيْرَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ) وفي هذا الحصر نظر؛ لما تقدّم في ترجمة الزُّبير -صلى الله عليه وسلم- أنه -صلى الله عليه وسلم- جمع له أبويه يوم الخندق، ويُجمَع بينهما بأن عليًّا -رضي الله عنه- لم يطلع على ذلك، أو مراده بذلك بقيد يوم أحد. قاله في "الفتح" (١) (فَإِنَّهُ) -رضي الله عنه- (قَالَ لَهُ) أي لسعد -رضي الله عنه- (يَوْمَ أُحُدٍ) أي يوم وقعة أحد (ارْمِ سَعْدُ) بالضم؛ لأنه علم مفرد منادى بحذف حرف النِّداء، أي يا سعد (فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي) مبتدأ وخبره، وفي رواية ابن المسيَّب قال: سمعت سعد بن أبي وقّاص يقول: نَثَلَ لي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كنانته يوم أحد، قال: "ارم فداك أبي وأمّي"، متّفق عليه.

وأخرج مسلم من طريق بُكير بن مِسْمَار، عن عامر بن سعد، عن أبيه، أن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- جَمَعَ له أبويه يوم أحد، قال: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين، فقال له النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "ارم فداك أبي وأمي"، قال: فَنزعت له بسهم ليس فيه نَصْلٌ، فأصبت جنبه، فسقط فانكشفت عورته، فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتّى نظرت إلى نواجذه.

وفي مرسل ابن عائذ عن الوليد بن مسلم، عن يحيى بن حمزة قال: قال سعد: "رميت بسهم، فردّ عليّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- سهمي أعرفه، حتّى واليت بين ثمانية أو تسعة، كلّ ذلك يردّه عليّ، فقلت: هذا سهم دم، فجعلته في كنانتي لا يُفارقني"، وعند الحاكم لهذه القصّة بيان سبب، فأخرج من طريق يونس بن بُكير، وهو في المغازي روايته من طريق عائشة بنت سعد، عن أبيها قال: "لما جال النّاسُ يوم أحد تلك الجَوْلة تنحّيت، فقلت:

أذود عن نفسي، فإما أن أنجو، وإما أن أُستشهَد، فإذا رجل محمرّ وجهه، وقد كاد المشركون أن يركبوه، فملأ يده من الحمى، فرماهم، وإذا بيني وبينه المقداد، فأردت أن أسأله عن الرَّجل، فقال لي: يا سعد هذا رسول الله يدعوك، فقمت وكأنه لم يُصبني شيء من الأذى، وأجلسني أمامه، فجعلت أرمي ... " فذكر الحديث (٢)، والله تعالى أعلم


(١) "الفتح" ٧/ ١٠٥.
(٢) راجع "الفتح" ٨/ ١٠٥ "كتاب الغازي" رقم (٤٠٦٠ و ٤٠٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>