٣ - (ومنها): أن السند الثّاني مسلسل بالبصريين إلى شعبة، والباقون كوفيّون.
٤ - (ومنها): أن شيخه الثّاني أحد مشايخ الجماعة بلا واسطة.
٥ - (ومنها): أن فيه شعبةَ الإمام المتشدّد في المدلّسين، فكان ميزانًا لقبول معنعناتهم، فإذا وُجد شعبة في سند عنعن فيه مدلّس مثل هذا الإسناد، فقد عنعن فيه أبو إسحاق فإنّه مقبول؛ لأنه لا يروي عنهم إِلَّا ما صرّحوا بالتحديث والسماع، وقد كان رحمه الله يقول: كفيتكم تدليس ثلاثة: أبي إسحاق -يعني المذكور في هذا السند- والأعمش، وقتادة، وقال أيضًا: كنت أتفقّد فم قتادة، فإذا قال: حَدَّثَنَا، وسمعت، حفظته، وإذا قال: حدّث فلانٌ تركته. انتهى. فهذه قاعدة مهمة جدًّا، وقلت في منظومتي "الجوهر النَّفْيس في نظم أسماء ومراتب الموصوفين بالتدليس":
٦ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ مخضرم، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ حُذَيْفَةَ) -رضي الله عنه- (أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لِأَهْلِ نَجْرَانَ) بفتح النون، وسكون الجيم: بلدة من بلاد هَمْدَان من اليمن، قَال البكريّ: سُمّيت باسم بانيها نَجْران بن زيد ابن يَشْجُب بن يَعْرُب بن قحطان. قاله الفيّوميّ (١).
وقال في "الفتح": نجران بلد كبير، على سبع مراحل من مكّة إلى جهة اليمن، يشتمل على ثلاثة وسبعين قرية، مسيرة يوم للراكب السريع، كذا في زيادات يونس بن بكير بإسناد له في "المغازي"، وذكر ابن إسحاق أنهم وَفَدوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمكة، وهم حينئذ عشرون رجلًا، لكن أعاد ذكرهم في الوفود بالمدينة، فكأنهم قَدِموا مرتين. وقال ابن سعد: كان النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- كتب إليهم، فخرج إليه وَفْدهم في أربعة عشر رجلًا من