٤ - (ومنها): جواز مجادلة أهل الكتاب، وقد تجب إذا تَعَيَّنت مصلحته.
٥ - (ومنها): مشروعية مباهلة المخالف إذا أصرّ بعد ظهور الحجة، وقد دعا ابنُ عبّاس إلى ذلك، ثمّ الأوزاعيّ، ووقع ذلك لجماعة من العلماء، قال الحافظ: ومما عُرِف بالتجربة أن من باهَلَ، وكان مُبطِلًا لا تمضى عليه سنة من يوم المباهلة، ووقع لي ذلك مع شخص كان يتعصب لبعض الملاحدة، فلم يُقِمْ شهرين.
٦ - (ومنها): مصالحة أهل الذِّمَّة على ما يراه الإمام من أصناف المال، ويَجرِي ذلك مَجْرَى ضرب الجزية عليهم، فإن كُلًّا منهما مال يؤخذ من الكفار على وجه الصَّغَار في كلّ عام.
[فإن قلت]: ذكر ابن إسحاق أن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعث عليا إلى أهل نجران ليأتيه بصدقاتهم وجزيتهم، فكيف يجمع بينها وبين قصّة أبي عبيدة هذه؟.
[أجيب]: بأن قصة أبي عبيدة -رضي الله عنه- هذه غير قصّة عليّ -رضي الله عنه-؛ لأن أبا عبيدة توجه معهم، فقَبَض مال الصلح، ورَجَع، وأما عليّ فأرسله النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك يَقْبِض منهم ما استُحِقّ عليهم من الجزية، ويأخذ ممّن أسلم منهم ما وجب عليه من الصَّدقة. أفاده في "الفتح"(١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وبالسند المُتَّصل إلى الإمام ابن مَاجَه رحمه الله في أول الكتاب قال:
١٣٦ - (حَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيىَ بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ عَبْدِ الله، أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الجَرَّاحِ:"هَذَا أَمِينُ هَذ الْأُمةِ").
رجال هذا الإسناد: ستة، كلهم تقدّموا في السند الماضي، غير:
١ - (يحيى بن آدم) بن سليمان الأمويّ مولاهم، أبو زكريا الكوفيّ، ثقة حافظٌ فاضلٌ، من كبار [٩] ١١/ ٩٨.
(١) راجع "الفتح" ٨/ ٤٢٩ "كتاب المغازي" رقم الحديث (٤٣٨٣).