"ما خُيّر عمّار ... "(إِلَّا اخْتَارَ) لما جُبِل عليه من الاستقامة والسداد (الْأَرْشَدَ) أي الأصلح (مِنْهُما) أي من الأمرين، وفي رواية النَّسائيّ بلفظ "أشدّهما" بالشين المعجمة، أي أصعبهما، قال القاري: فقيل: هذا بالنظر إلى نفسه، والأول بالنظر إلى غيره، فلا تنافي بين الروايتين، وفي نسخة:"أسدّهما" بالسين المهملة، أي أصوبهما، والأظهر في الجمع بين الروايات أنه كان يختار أصلحهما وأصوبهما فيما تبيّن ترجيحه، وإلا اختار أيسرهما. انتهى (١).
وقال في "الإنجاح": وكان السلف يحبّون أن يعملوا لأنفسهم ما كان أقرب إلى الاحتياط، ويأمرون غيرهم ما كان أسهل لهم، فإنّه -صلى الله عليه وسلم- قال:"إنّما بُعثتم ميسّرين، ولم تُبعثوا معسّرين"، انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عائشة رضي الله عنها هذا صحيح.
(المسألة الثّانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا (٢٣/ ١٤٨) فقط، وأخرجه (الترمذيّ) في "المناقب"(٣٧٩٩) و (النَّسائيّ) في "فضائل الصّحابة"(٨٢١٨) و (أحمد) في "مسنده"(٢٤٨٢٠)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثّالثة): في فوائده:
١ - (منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله، وهو بيان فضل عمّار بن ياسر رضي الله عنهما.
٢ - (ومنها): مشروعيّة مدح الإنسان بما فيه من المزايا الفاضلة، والخصال