للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومعنى ظهورهم غلبتهم، وقهرهم، والمراد بالناس أعدائهم الكفّار.

قال صاحب "إنجاح الحاجة": لعلّ غرض معاوية بن أبي سفيان من رواية هذا الحديث بهذا الاهتمام الاستدلال على حقّيّته، وحقّيّة أشياعه وأتباعه؛ لأن الطائفة الظاهرة الغالبة المنصورة في زمانه لم يكن إلا هو وأتباعه، فلو لم تكن تلك الطائفة على الحقّ قوّامة على أمر الله لما صدق هذا الحديث. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: في هذا الاستدلال نظرٌ لا يخفى. والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: قوله: "ظاهرون" هكذا نسخ "ابن ماجه" بالرفع، وهو الظاهر؛ لأنه خبر لطائفةٌ، فما كتبه الدكتور بشار فيما كتبه على هذا الكتاب من تصويبه "ظاهرين" بالنصب فمما لا وجه له، إلا بتكلّف، لا داعي له، فتبصّر بالإنصاف، ولا تتهوّر بالاعتساف. والله تعالى أعلم.

[تنبيه آخر]: قال في "الفتح": اتفق الشراح على أن معنى قوله: "ظاهرون على من خالفهم" أن المراد عُلُوّهم عليهم بالغلبة، وأبعد من أبدع، فرد على من جعل ذلك منقبة لأهل الغرب أنه مذمة؛ لأن المراد بقوله: "ظاهرين على الحق" أنهم غالبون له، وأن الحق بين أيديهم كالميت، وأن المراد بالحديث ذم الغرب، وأهله لا مدحهم. انتهى.

(لَا يُبَالُونَ مَنْ خَذَلهُمْ) أي ترك معاونتهم، ونصرهم (وَلَا) يبالون أيضًا (مَنْ نَصَرَهُمْ) أي إنهم لقوّة إيمانهم، وكمال توكّلهم على ربّهم لا يلتفتون إلى غيره سبحانه وتعالى، فلا يعتمدون على إقبال من أقبل عليهم، ولا يتأثّرون على إدبار من أدبر منهم، بل هم دائمًا مستمرّون على نشر الدعوة إلى الله، والجهاد في سبيل الله؛ لإعلاء كلمة الله. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث معاوية رضي الله تعالى عنه هذا إسناده ضعيف؛ لأن فيه القاسمَ بنَ نافع، مجهول الحال، لم يرو عنه سوى اثنين، ولم يوثّقه أحد، وقال الذهبيّ في "الميزان": لا

<<  <  ج: ص:  >  >>