للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - (ومنها): أنه مسلسل بثقات الكوفيين، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ) رضي الله عنهما، أنه (قَالَ: أُهْدِيَ) بالبناء للمفعول، أهداها له أُكيدر دُومة، كما بُيّن في حديث أنس -رضي الله عنه- (لِرَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- سَرَقَة) بفتحتين أي قطعة من جيّد الحرير، وجمعها سَرَقٌ، قاله ابن الأثير (١) وقالَ في "القاموس": السَّرَقُ مُحَرَّكَةً: شُقَقُ الحرير الأبيض، أو الحرير عامّةً، الواحدة بهاء. انتهى، فقوله: (مِنْ حَرِيرٍ) مؤكّدٌ.

وفي "المعجم الكبير" للطبراني، في حديث أنس -رضي الله عنه- من طريق عبد الله بن سالم الحمصيّ، عن الزُّبيدي، عن الزهريّ، عن أنس قال: أُهدي للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- حُلّة من إستبرق، فجعل ناس يلمسونها بأيديهم، ويتعجّبون منها، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "تُعجبكم هذه؟ فوالله لمناديل سعد في الجنَّة أحسن منها". قال الدارقطنيّ في "الأفراد": لم يروه عن الزبيدي إِلَّا عبد الله بن سالم. قاله في "الفتح" (٢).

(فَجَعَلَ الْقَوْمُ) أي الصّحابة -رضي الله عنهم- (يَتَدَاوَلُونَهَا بَيْنَهُمْ) أي يأخذها بعضهم من بعض تعجّبًا من لِينها وحسنها، فخاف -صلى الله عليه وسلم- عليهم الميل إلى الدنيا، فزهّدهم فيها، ورغّبهم في الآخرة بما أشار إليه بقوله: (فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أَتَعْجَبُونَ مِنْ هَذَا؟ "، فَقَالُوا لَهُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ الله، قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه" قَسَمٌ أقسم به النبيّ -صلى الله عليه وسلم- تأكيدًا للأمر، وقوله: (لمنَادِيلُ سَعْدَ بْنِ مُعَاذٍ) بفتح اللام، وهو جمع منديل، وهو هذا الّذي يُحمل في اليد، قال ابن الأعرابيّ وغيره: هو مشتقّ من الندل، وهو النقل؛ لأنه يُنقل من واحد إلى واحد، وقيل: من الندل، وهو الوَسَخُ، لأنه يُندل به. وقال الخطابيّ رحمه الله: إنّما ضرب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- المثل بالمناديل؛ لأنها ليست من عِلّيّة الثِّياب، بل هي تُبتذل في أنواع من المرافق،


(١) "النهاية" ٢/ ٣٦٢.
(٢) "الفتح" ١١/ ٤٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>