والصواب من روايات الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، لا عن أبي هريرة، قال: وقد رواه عاصم عن أبي صالح، فقال: عن أبي هريرة، والصّحيح عن أبي صالح، عن أبي سعيد، انتهى.
وقد سبق إلى ذلك عليّ بن المديني، فقال في "العلل": رواه الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، ورواه عاصم عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: والأعمش أثبت في أبي صالح من عاصم.
فعُرِف من كلامه أن من قال فيه عن أبي صالح، عن أبي هريرة، فقد شَذّ، وكان سبب ذلك شهرة أبي صالح بالرواية عن أبي هريرة، فيسبق إليه الوَهْمُ ممّن ليس بحافظ، وأما الحفاظ فيميزون ذلك.
ورواية زيد بن أبي أُنيسة الّتي أشار إليها الدارقطني أخرجها الطَّبرانيُّ في "الأوسط"، قال: ولم يروه عن الأعمش إِلَّا زيد بن أبي أُنيسة، ورواه شعبة وغيره عن الأعمش، فقالوا:"عن أبي سعيد"، انتهى.
وأما رواية عاصم فأخرجها النَّسائيُّ في "الكبرى"، والبزار في "مسنده"، وقال: ولم يروه عن عاصم إِلَّا زائدة، وممن رواه عن الأعمش، فقال: عن أبي سعيد، أبو بكر ابن عياش عند عبد بن حميد، ويحي بن عيسى الرَّمْليّ عند أبي عوانة، وأبو الأحوص عند ابن أبي خيثمة، وإسرائيل عند تمام الرَّازيُّ.
وأما ما حكاه الدارقطني عن رواية أبي عوانة، فقد وقع لي من رواية مسدد، وأبي كامل، وشيبان عنه على الشك، قال في روايته: عن أبي سعيد، أو أبي هريرة، وأبو عوانة كان يحدث من حفظه، فربما وَهِمَ، وحديثه من كتابه أثبت، ومن لم يشكّ أحق بالتقديم ممّن شك، والله أعلم.
قال: وقد أمليت على هذا الموضع جزءًا مفردًا لَخَّصْتُ مقاصده هنا بعون الله تعالى، انتهى كلام الحافظ.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الّذي حقّقه الحافظ تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا، قد تبيّن