للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مالك وغيره، واخْتُلِفَ في غيرها من أزواج النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقيل: يُقتَل قاذفها؛ لأن ذلك أذًى للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وقيل: يُحدّ ويُنكَّل، كما ذكرناه على قولين، وأما من سبّهم بغير القذف فإنّه يُجْلَد الجلدَ الموجع، ويُنكَّل التنكيل الشديدَ، قال ابن حبيب: ويُخلَّد سَجْنه إلى أن يموت، وقد رُوي عن مالك: من سبّ عائشة رضي الله عنها قُتِل مطلقًا، ويُمكن حمله على السبّ بالقذف، والله تعالى أعلم. انتهى كلام القرطبيّ (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الّذي ذكره القرطبيّ رحمه الله تحقيق نفيس جدًّا، وخلاصته تشديد العقوبة على من انتهك حرمات الصّحابة -صلى الله عليه وسلم-، وأنَّه يُقتل على التفصيل الّذي ذكره، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في ذكر قصيدة لبديع الزّمان الْهَمَذَانيّ (٢) رحمه الله يمدح بها الصّحابة -رضي الله عنهم-، ويهجو أبا بكر الخوارزميّ، ويُجيبه عن قصيدة رُويت له في الطعن عليهم قال [من الرجز]:

وَكَّلَنِي بِالهَمِّ وَالْكَآبهْ ... طَعَّانَةٌ لَعَّانَةٌ سَبَّابَه

لِلسَّلَفِ الصَّالِح وَالصَّحَابَهْ ... أَسَاءَ سَمْعًا فَأَسَاءَ جَابَهْ

تَأَمَّلُوا يَا كُبَرَاءَ الشِّيعَهْ ... لِعِشرَةِ الإِسْلَامِ وَالشَّرِيعَه

أَتُسْتَحَلُّ هَذِهِ الْوَقِيعَهْ ... في بِيَع الْكُفْرِ وَأَهْلِ الْبِيعَه

فَكَيْفَ مَنْ صَدَّقَ بِالرِّسَالَهْ ... وَقَامَ لِلدِّينِ بِكُلِّ آلَهْ

وَأَحْرَزَ اللهُ يَدَ الْعُقْبَى لَهْ ... ذَالِكُمُ الصِّدِّيقُ لَا مَحَالَه

إِمَامُ مَنْ أُجْمِعَ في السَّقِيفَهْ ... قَطْعًا عَلَيْهِ أَنَّهُ الخلِيفَهْ


(١) "المفهم" ٦/ ٤٩٢ - ٤٩٤.
(٢) هو أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد الملقّب ببديع الزّمان، سكن هَرَاة، وكان أحد الفضلاء والفصحاء، متعصّبًا لأهل الحديث والسنّة، ما أخرجت هَمَذَان بعده مثله، توفي سنة (٣٩٨ هـ). "معجم الأدباء" ١/ ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>