للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأنصار: أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئًا، وأما ناس منا حديثةٌ أسنانهم، فقالوا: يغفر الله لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُعطي قريشًا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقال النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "فإني أعطي رجالا حديثي عهد بكفر، أَتَألَّفُهُم، أما ترضون أن يذهب النَّاس بالأموال، وتذهبون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- إلى رحالكم؛ فوالله لمَا تنقلبون به خير ممّا ينقلبون به"، قالوا: يا رسول الله قد رضينا، فقال لهم النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "ستجدون أَثَرَةً شديدةً، فاصبروا حتّى تلقوا الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، فإني على الحوض"، قال أنس: فلم يصبروا. انتهى.

(الأنْصَارُ شِعَارٌ) بكسر الشين المعجمة، بعدها عين مهملة خفيفة: الثّوب الّذي يلي الجلد من الجسد (وَالنَّاسُ دِثَار) بكسر الدّال المهملة، ومثلّثة خفيفة: الّذي يلبس فوق الشعار، وهي استعارة لطيفة لِفَرْط قربهم منه، وأراد أيضًا أنهم بِطَانته، وخاصّته، وأنهم ألصق به، وأقرب إليه من غيرهم، قاله في "الفتح" (١).

وقال النوويّ في "شرحه": قال أهل اللُّغة: الشِّعَار الثّوب الّذي يلي الجسد، والدثار فوقه، ومعنى الحديث أن الأنصار هو البطانة، والخاصّة، والأصفياء، وألصق بي من سائر النَّاس، وهذا من مناقبهم الظاهرة، وفضائلهم الباهرة. انتهى (٢).

(وَلَوْ أَنَّ النَّاسَ اسْتَقْبَلُوا وَادِيًا) قال القرطبيّ: هو مجرى الماء المتّسع (٣)، وقال في "الفتح": هو المكان المنخفض، وقيل: الّذي فيه ماء، والمراد هنا بلدهم (أَوْ شِعْبًا) بكسر الشين المعجمة: اسم لما انفرج بين جبلين، وقيل: الطريق في الجبل، وأراد -صلى الله عليه وسلم- بهذا التنبيه على جزيل ما حصل لهم من ثواب النصرة، والقناعة بالله ورسوله عن الدنيا، ومَنْ هذا وصفه، فحقّه أن يُسلَك طريقه، ويُتَّبَع حاله، قاله في "الفتح".

(وَاسْتَقْبَلَتِ الأَنْصَارُ وَادِيًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأنْصَارِ) يعني أنه لا يفارقهم، ولا


(١) "الفتح" ٨/ ٦٥.
(٢) "شرح مسلم" ٧/ ١٥٧.
(٣) "المفهم" ٣/ ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>