إِلَّا بيقين، قال: وقد سئل علي -رضي الله عنه- عن أهل النَّهْرَوان، هل كفروا؟ فقال: مِنَ الكفر فَرُّوا.
قال الحافظ: وهذا إن ثبت عن علي -رضي الله عنه- حُمِل على أنه لم يكن يتحقق على معتقدهم الّذي أوجب تكفيرهم عند من كَفَّرهم، وفي احتجاجه بقوله:"يتمارى في الفوق" نظر؛ فإن في بعض طرق الحديث المذكور:"لم يَعلَق منه بشيء"، وفي بعضها:"سَبقَ الفرث والدم".
وطريق الجمع بينهما أنه تردد هل في الفوق شيء أو لا؟ ثمّ تحقق أنه لم يَعلَق بالسهم ولا بشيء منه من الرمي بشيء.
ويمكن أن يُحمَل الاختلاف فيه على اختلاف أشخاص منهم، ويكون في قوله:"يتمارى" إشارة إلى أن بعضهم قد يبقى معه من الإسلام شيء.
قال القرطبي في "المفهم": والقول بتكفيرهم أظهر في الحديث، قال: فعلى القول بتكفيرهم يُقاتَلون، ويُقتلون، وتُسبَى أموالهم، وهو قول طائفة من أهل الحديث في أموال الخوارج، وعلى القول بعدم تكفيرهم يُسلَك بهم مسلك أهل البغي إذا شَقُّوا العصا، ونَصَبُوا الحرب، فأمّا من استسرّ منهم ببدعة، فإذا ظهر عليه هل يُقتَل بعد الاستتابة، أو لا يُقتَل بل يُجتَهد في رد بدعته، اختُلِف فيه بحسب الاختلاف في تكفيرهم، قال: وباب التكفير باب خطر، ولا نَعْدِل بالسلامة شيئا، انتهى، وقد سبق تحقيق القول في هذه المسألة في المسائل المذكورة أوّلَ "باب القدر"، فراجعه تستفد علمًا جمًّا، وبالله تعالى التوفيق.
وبالسند المُتّصل إلى الإمام ابن مَاجَه رحمه الله في أول الكتاب قال: