"إِيْ" بالكسر والسكون حرف جواب بمعنى "نَعَم"، فيكون لتصديق المخبِر، ولإعلام المستخبر، ولوعد الطالب، فتقع بعد "قام زيد"، و"هل قام زيد"، و"اضرب زيدًا"، ونحوهنّ، كما تقع "نَعَمْ" بعدهنّ، وزعم ابن الحاجب أنها إنّما تقع بعد الاستفهام، نحو قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} الآية [يونس: ٥٣]، ولا تقع عند الجميع إِلَّا قبل القسم، وإذا قيل:"إي والله"، ثمّ أسقطت الواو جاز سكون الياء وفتحها وحذفها، وعلى الأوّل فيلتقي ساكنان على غير حدّهما. انتهى كلام ابن هشام رحمه الله (١).
(ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) أي قال هذا الكلام ثلاث مرّات تأكيدًا له.
ولمسلم في رواية زيد بن وهب في قصة قتل الخوارج أن عليًّا -رضي الله عنه- لمَّا قتلهم قال: صدق الله، وبَلَّغَ رسوله، فقام إليه عَبِيدة، فقال يا أمير المؤمنين: اللهِ الّذي لا إله إِلَّا هو لقد سمعت هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: إي والله الّذي لا إله إِلَّا هو، حتّى استحلفه ثلاثا.
قال النووي رحمه الله: إنّما استحلفه ليؤكد الأمر عند السامعين، ولتظهر معجزة النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأن عليًّا ومن معه على الحق.
قال الحافظ رحمه الله: وليطمئن قلب المستحلف لإزالة توهم ما أشار إليه عليّ أن الحرب خُدْعَة، فَخَشِي أن يكون لم يسمع في ذلك شيئًا منصوصًا، وإلى ذلك يشير قول عائشة لعبد الله بن شداد، قالت له: ما قال علي حينئذ؟ قال: سمعته يقول: صدق الله ورسوله، قالت: رحم الله عليا إنّه كان لا يرى شيئًا يعجبه إِلَّا قال: صدق الله ورسوله، فيذهب أهل العراق فَيِكْذِبُون عليه، ويزيدونه، فَمِنْ هذا أراد عَبيدة بن عمرو التثبت في هذه القصة بخصوصها، وأن فيها نقلًا منصوصًا مرفوعًا.
وأخرج أحمد نحو هذا الحديث عن علي -رضي الله عنه-، وزاد في آخره: "قتالهُم حق على كلّ مسلم.