٤ - (ومنها): أنه ينبغي للعالم أن لا يذكر فضائل بعض الأعمال، إذا خشي على بعض النَّاس أن يغترّوا بها، فيتركوا العمل اتّكالًا عليها، وهذا نظير ما أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ومعاذ رديفه على الرَّحْل، قال:"يا معاذ بن جبل"، قال لَبَّيْكَ يا رسول الله وسعديك، قال:"يا معاذ"، قال لَبَّيْكَ يا رسول الله وسعديك ثلاثًا، قال:"ما من أحد يشهد أن لا إله إِلَّا الله، وأن محمدا رسول الله، صدقًا من قلبه إِلَّا حرمه الله على النّار"، قال: يا رسول الله أفلا أخبر به النَّاس، فيستبشروا؟ قال:"إِذًا يَتَّكِلُوا"، وأخبر بها معاذ عند موته تأثُّمًا.
وقد ترجم الإمام البخاريّ رحمه الله في "صحيحه" على هذا، فقال:"باب من خَصَّ بالعلّم قوفا دون قوم كراهيةَ أن لا يفهموا، وقال عليّ: حدّثوا النَّاس بما يعرفون، أتحبّون أن يُكذّب الله ورسوله"، ثمّ أخرج حديث أنس -رضي الله عنه- المذكور.
٥ - (ومنها): جواز الحلف على الخبر للتأكيد، وإن كان الشخص لا يُتّهم.
٦ - (ومنها): أن فيه علمًا من أعلام النبوة، حيث أخبر -صلى الله عليه وسلم- بما وقع قبل أن يقع، وذلك أن الخوارج لما حَكَمُوا بكفر من خالفهم، واستباحوا دماءهم، وتركوا أهل الذِّمَّة، فقالوا نَفِي لهم بعهدهم، وتركوا قتال المشركين، واشتغلوا بقتال المسلمين، وهذا كله من آثار عبادة الجهال الذين لم تنشرح صدورهم بنور العلم، ولم يتمسكوا بحبل وثيق من العلم، وكفى أن رأسهم رَدّ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمره، ونسبه إلى الجور، نسأل الله السلامة.
٧ - (ومنها): ما قال ابن هُبَيرة رحمه الله: وفي الحديث أن قتال الخوارج أولى من قتال المشركين، والحكمة فيه أن في قتالهم حفظ رأس مال الإسلام، وفي قتال أهل الشرك طلب الربح، وحفظُ رأس المال أولى.