الرَّجل: لأي شيء بكيت؟ قال: رحمة لهم، أو من رحمتهم.
(شَرُّ قَتْلَى) خبر لمبتدإ محذوف، أي هم شر قتلى، والضمير للخوارج (قُتِلُوا) بالبناء للمفعول جملة في محل جرّ صفة لـ "قَتْلَى"(تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ) ظرف لـ "قُتِلُوا"، و"أديم السَّماء" بالفتح: ما يظهر منه (وَخَيْرُ قَتِيلٍ مَنْ قَتَلُوا) بالبناء للفاعل، والعائد محذوف، أي من قتلوه، يعني أن من قتله الخوارج خير مقتول، أي من خير المقتولين ظلمًا، فلا يردّ أنه يكون خيرًا ممّن قُتل مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في غزواته (كِلَابُ أَهْلِ النَّارِ) خبر لمحذوف أيضًا، أي هم كلاب أهل النّار (قَدْ كَانَ هَؤُلَاءِ مُسْلِمِينَ، فَصَارُوا كُفَّارًا") فيه دليل لمن قال بكفر الخوارج، وقد سبق أنه الظّاهر، وإن كان الجمهور على خلافه، حيث إنهم يؤوّلونه، بما فيه تكلّف وتعسّف. والله تعالى أعلم.
(قُلْتُ) القائل هو أبو غالب (يَا أَبَا أُمَامَةَ هَذَا شَيْءٌ تَقُولُهُ؟) بتقدير الاستفهام، أي أهذا تقوله من عندك استنباطًا؟ أم لك فيه نصّ؟ (قَالَ) أبو أمامة -رضي الله عنه- (بَلْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-) يعني أن لديه نصّا صريحًا بذلك، وليس من عنده استنباطًا، واجتهادًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي أُمامة -رضي الله عنه- هذا صحيح.
[فإن قلت]: كيف يصحّ، وفي سنده أبو غالب، وقد تكلّم فيه بعضهم؟.
[قلت]: هو وإن تكلّم فيه أبو حاتم، والنَّسائيّ، وابن حبّان، فقد روي عنه جماعة، ووثقه الدارقطني، وقال ابن معين: صالح الحديث، وقال ابن عديّ: لا بأس به، وأقلّ أحواله أن يكون حسن الحديث، وأيضًا لم ينفرد به، فقد رواه معه عن أبي أمامة صفوان بن سُليم، وهو ثقة، وسيّار الشاميّ، وهو صدوق، كما سبق آنفًا.