للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(وَصَلَّى اللهُ) جملة خبريّة لفظًا، إنشائيّة معنًى، والأصحّ في معنى الصلاة ما ذكره الإمام البخاريّ رحمه الله تعالى في "صحيحه" عن أبي العالية أنه قال: صلاه الله ثناؤه عليه عند ملائكته، وصلاة الملائكة الدعاء. انتهى.

وقال ابن عباس معنى: يصلّون يُبرّكون. انتهى، قال في "الفتح": تحت قول أبي العالية: أخرجه ابن أبي حاتم. وقال تحت قول ابن عبّاس: وصله الطبريّ من طريق عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاس في قوله تعالى: {يُصَلُّونَ عَلىَ النَّبِيِّ} [الأحزاب:٥٦] قال: يبَرِّكون على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أي يدعون له بالبركة، فيوافق قول أبي العالية، لكنه أخصّ منه انتهى (١).

وقال الإمام الترمذيّ رحمه الله في "جامعه": ورُوِيَ عن سفيان الثوريّ، وغيرِ واحد من أهل العلم قالوا: صلاة الربّ الرحمةُ، وصلاة الملائكة الاستغفار انتهى كلام الترمذيّ (٢).

وقال الحافظ ابن كثير: والصلاة من الله تعالى ثناؤه على العبد عند الملائكة. حكاه البخاريّ عن أبي العالية. ورواه أبو جعفر الرازيّ، عن الربيع بن أنس، عنه. وقال غيره: الصلاة من الله عزّ وجلّ الرحمة. وقد يقال: لا منافاة بين القولين. والله أعلم. وأما الصلاة من الملائكة، فبمعنى الدعاء للناس، والاستغفار انتهى كلام ابن كثير (٣). وقد رجّح العلّامة ابن القيّم رحمه الله تعالى تفسير من فسّر صلاة الله تعالى بالثناء عند الملائكة، وردّ على من فسّرها بالرحمة، وبالغ في ذلك في كتابه "جلاء الأفهام". ونقلته في "شرح النسائيّ" فراجعه فإنه مفيد جدًّا.

وقال الحافظ في "الفتح" بعد ما ذكر الاختلاف: ما حاصله: وأولى الأقوال ما


(١) فتح جـ ٩ ص ٤٩.
(٢) "جامع الترمذيّ بشرح تحفة الأحوذيّ" جـ ٢ ص ٦١.
(٣) تفسير ابن كثير جـ ٣ ص ٥٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>