للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والتعجب، والتردّد، وكلّ ما ورد من هذا القبيل، فلا يُتصرّف فيها بتشبيه، ولا تعطيل، فلولا إخبار الله تعالى، وإخبار رسوله -صلى الله عليه وسلم-. ما تجاسر عقل أن يحوم حول ذلك الحمى، وتلاشىى دون ذلك عقل العقلاء، ولُب الألبّاء. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي نقله الطيبي عن شيخه هو التحقيق الحقيق بالقبول، فيا ليت الطيبيّ مشى على طريقة شيخه، ولكنه حاد، ومال عن الصراط المستقيم، فترى في شرحه يختار مذهب المؤوّلين، ويقوّيه، ويطوّل نفسه في تقريره، فلا حول ولا قوّة إلا بالله، اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدنا لما اختُلف فيه من الحقّ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

(إِنْ شَاءَ) الله تعالى إقامته (أَقَامَهُ) أي أثبته على الحقّ (وَإِنْ شَاءَ) إزاغته (أَزَاغَهُ) أي أماله عن الحقّ، فيقلبها تارة من فجورها إلى تقواها، بأن يجعلها تقيّةً بعد أن كانت فاجرةً، ويعدلها أخرى عن تقواها إلى فجورها، بأن يجعلها فاجرة بعد أن كانت تقيّةً، كما قال الله - عز وجل -: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: ٨].

قال بعضهم: نسب تقليب القلب إلى الله تعالى إشعارًا بأن الله تعالى إنما تولّى بنفسه أمر قلوبهم، ولم يَكِله إلى أحد من ملائكته، وخصّ الرحمن بالذكر إيذانًا بأن ذلك التولّي لم يكن إلا بمحض رحمته، وفضل نعمته؛ كيلا يطَّلع أحد غيره على سرائرهم، ولا يكتب عليهم ما في ضمائرهم. انتهى (٢).

(وَكَانَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقولُ: يَا مُثَبِّتَ الْقُلُوبِ) وفي رواية أحمد: "يا مقلّب القلوب" أي مصرّفها تارة إلى الطاعة، وتارة إلى المعصية، وتارة إلى اليقظة، وتارة إلى الغفلة (ثَبِّتْ قلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ) أي اجعله ثابتًا على دينك القويم، غير مائل عن


(١) راجع "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٥٤٤.
(٢) "الكاشف" ٢/ ٥٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>