ويتسابقون إليه؛ مبادرة للطاعة (وَللرَّجُلِ يُصَلِّي في جَوفِ اللَّيْلِ) أي لإيثاره مناجاة ربّه، تاركًا لذة النوم مع زوجته وأحب الناس إليه على فراش وطيء ممهّد (وَللرَّجُلِ يُقَاتِلُ - أُرَاهُ) يحتمل أن يكون هذا من أبي سعيد -رضي الله عنه-، أو ممن دونه، أي أظنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- (قَالَ-: خَلْفَ الْكَتِيبةِ) ظرف لـ"يقاتل"، و"الكتيبة": الطائفة من الجيش مجتمعةً، والجمع كتائب، قاله في "المصباح"، والمراد أنه يقاتل بعد أن انصرفوا، لا بمعنى أنه يقوم خلفهم ويقاتل".
والحاصل أنه إذا رأى رجلٌ فرار الكتيبة من القتال، وخاف أن يتغلّب العدوّ على المسلمين، فبرز بنفسه للقتال، فقاتل، حتى انتصر، أو استُشهد، فقد قام بعمل صعب، وشاقّ؛ فاستحقّ هذا الفضل العظيم، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- هذا ضعيف؛ لأن مجالدًا، كان أخرج له مسلم مقرونًا بغيره، ضعيف عند الجمهور، وقال ابن عديّ: عامة ما يرويه غير محفوظ، وعبد الله بن إسماعيل، قال أبو حاتم: مجهول، وكذا قال الذهبيّ في "الكاشف"، فالحديث من رواية مجهول عن ضعيف. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنف) هنا (٣٥/ ٢٠٠) بهذا السند فقط، وأخرجه (أحمد) في "مسنده" ٣ (/ ٨٠) و (عبد بن حُميد) في "مسنده" (٩١١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.