للعرض و"رجلٌ" بالرفع نائب فاعل لفعل مقدّر، أي ألا يوجد رجلٌ ألخ (فَإِن قُريشًا) الفاء للتعليل، أي لأن هذه القبيلة (قَدْ مَنَعُوني أَن أُبلِّغ) من التبليغ، أو من الإبلاغ، أي إلى الناس (كَلَامَ ربِّي) يعني القرآن الكريم، والله تعلى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا (٣٥/ ٢٠١) بهذا السند فقط، وأخرحه (أحمد) في "مسنده"(٣/ ٣٩٠) و (الدارميّ) في "سننه"(٣٣٥٧) و (البخاريّ) في "خلق أفعال العباد"(١٣ و ٢٨) و (أبو داود)(٤٧٣٤) و (الترمذيّ)(٢٩٢٥)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): ما ترجم له المصنف، وهو بيان ما أنكرته الجهميّة من الصفات، وهو هنا صفة الكلام، فقد أثبته هذا الحديث الصحيح، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: "كلام ربي"، وهو القرآن، وهو كقوله - عز وجل -: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}[التوبة: ٦]، فالقرآن كلام الله تعالى، تكلام به حقيقةً، وأنزله على رسوله -صلى الله عليه وسلم- بواسطة جبريل - عليه السلام -، وهو غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود.
٢ - (ومنها): ما كان عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- من شدّة حرصه على الدعوة إلى الله تعالى، بحيث إنه لا يترك مجمعًا من مجامع الناس، إلا وأتاه، فعرض عليهم الإسلام، ودعاهم إلى الله تعالى.
٣ - (ومنها): بيان ما كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يلقاه من أذى قريش، ومضايقتهم له، وصدّهم عن الدعوى غاية الصدّ، {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}[التوبة: ٣٢].