للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ: عبد الملك عن المنذر، بل هو من رواية الأقران؛ لأن كليهما من الطبقة الثالثة، وفيه رواية الابن عن أبيه، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ المُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ) جرير بن عبد الله البجليّ -رضي الله عنه-، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ) شرطيّة (سَنَّ سُنَّة حَسَنَةً) أي سار فيها، يقال: سنّ الطريقة: إذا سار فيها، كاستنّها (١) والسنّة الحسنة: هي الطريقة المرضيّة التي يُقتَدَى فيها، قال ابن الأثير: والأصل فيها الطريقة والسيرة، وإذا أُطلقت في الشرع فإنما يُراد بها ما أمر به النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ونَهى عنه، ونَدَبَ إليه قولًا وفعلًا، مما لم ينطق به الكتاب العزيز، ولهذا يقال في أدلّة الشرع الكتاب والسنّة، أي القرآن والحديث. انتهى (٢).

والمراد هنا الإطلاق الأول، لا الثاني، والتمييز بين الحسنة والسيّئة بموافقة الكتاب والسنّة، وعدم موافقتهما.

وقال الطيبيّ: السنّة ما وضعه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أحكام الدين، وهي قد تكون فرضًا، كزكاة الفطر، وغير فرض، كصلاة العيد، وصلاة الجماعة (٣)، وقراءة القرآن في غير الصلاة، وتحصيل العلم، وما أشبه ذلك. انتهى (٤).

وهذا الحديث له قصّةٌ توضّح سبب قوله -صلى الله عليه وسلم-: "منّ سنة حسنةً إلخ"، وقد ساقه الإمام مسلم رحمه الله في "صحيحه" بطوله، ودونك نصّه:

قال: حدثني محمد بن المثنى العنزي، أخبرنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عون بن أبي جُحيفة، عن المنذر بن جرير، عن أبيه، قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صدر


(١) "القاموس" ص ١٠٨٨.
(٢) "النهاية" ٢/ ٤٠٩.
(٣) الصحيح أن صلاة الجماعة فرض، كما سيأتي في محلّه إن شاء الله تعالى، وقوله: "وتحصيل العلم" أراد به العلم الزائد على ما يتعين على المرء أن يتعلّمه.
(٤) "الكاشف" ٢/ ٦٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>