(عَنْ أَنسِ بْنِ مَالك) -رضي الله عنه-، أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ لله أَهْلِينَ) جمع أهل، يُرفع بالواو، ويجرّ ويُنصب بالياء؛ لكونه مُلحقًا بجمع الذكّر السالم، كما قال في "الخلاصة":
وَارفَع بِوَاوٍ وَبَيَا اجْرُر وَانْصِبِ ... سَالِمَ جمع عَامِرٍ وَمُذْنِبِ
وإنما جمعه إشارةً إلى كثرتهم (مِنْ النَّاسِ) بيان لـ"أهلين" (قَالُوا) أي الصحابة السامعون لهذا الحديث (يَا رَسُولَ الله، مَنْ هم؟ قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (هُم أَهْلُ الْقُرآنِ) أي حفظته، الذين يقرءونه آناء الليل وأطراف النهار، ويعملون به (أَهْلُ الله) خبر لمحذوف، أي هم أهل الله (وَخَاصَّتُهُ) أي الذين اختصّهم بمحبّته، والعناية بهم، كاختصاص الإنسان بأهل بيته، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أنس بن مالك -صلى الله عليه وسلم- هذا صحيح، قال البوصيريّ في "مصباح الزجاجة": وهذا إسناد صحيح، رجاله موثّقون. انتهى، وهو من أفراد المصنّف أخرجه هنا ٣٨/ ٢١٥ بهذا السند فقط، لم يُخرجه من أصحاب الأصول غيره، وأخرجه (أحمد) في "مسنده" (٣/ ١٢٧ و ٢٤٢) و (الدارميّ) في "سننه" (٣٣٢٩) و (النسائيّ) في "فضائل القرآن" من "الكبرى" (٥٦)، والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: هذا الحديث صحيح، كما مرّ آنفا، وهذا مما يُفنّد قول من زعم أن كلّ حديث انفرد به ابن ماجه عن بقية الأصول، فهو ضعيف، فإن هذا قول صدر من غير تأمّل، وقد مرّ تفنيده غير مرّة، فلا تنس، والله تعالى أعلم.