والعقلي معًا، فلا استقلال للعقل وحده، وقد استوفيت هذا البحث في كتابي المسمّى "التحفة المرضية في القواعد الأصوليّة، على مذهب أهل السنة السنيّة" مع شرحه "المنحة الرضيّة"، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.
قال: ويحتمل أن المراد بالخير والشر الحق والباطل، فللحقّ نور في القلب يتبيّن به أنه الحقّ، وللباطل ظلمة يتضايق بها القلب عن قبوله، فلا يدخل فيه إلا بعد تردّد، وانقباض للقلب عن قبوله، وهذا هو الموافق للمثل المشهور:"الحقّ أبلج، والباطل لجلج"، أي يتردد من غير أن ينفذ.
ويحتمل أن يكون هذا بيان ما ينبغي أن يكون المؤمن عليه، أي اللائق بحاله أن يكون الخير عادته، والشرّ مكروهًا لا يدخل عليه إن دخل إلا بلجاجة. انتهى (١).
(وَمَن) شرطيّة، ولذا جُزم الفعلان بعده، على أنهما شرط وجواب لها.
قال السنديّ: قيل: إن لم نقل بعموم "من" فالأمر واضحٌ؛ إذ هو في قوّة بعض من أريد به الخير، وإن قلنا: بعمومها يصير المعنى كلُّ من يرد به الخير، وهو مشكلٌ بمن مات قبل البلوغ مؤمنًا ونحوه، فإنه قد أريد به الخير، وليس بفقيه.
ويجاب بأنه عامّ مخصوص، كما هو أكثر العمومات، والمراد من يرد الله به خيرًا خاصّا على حذف الصفة. انتهى.
قال السنديّ: الوجه حمل "خيرا" على أن التنكير للتعظيم، فلا إشكال، على أنه يمكن حمل الخير على الإطلاق، واعتبار تنزيل غير الفقه في الدين منزلة العدم بالنسبة إلى الفقه في الدين، فيكون الكلام مبنيًّا على المبالغة، كأن من لم يُعط الفقه في الدين ما أريد به الخير، وما ذكروه من الوجوه لا يناسب المقصود.
ويمكن حملُ "من" على المكلّفين؛ لأن كلام الشارع غالبًا يتعلّق ببيان أحوالهم، فلا يرد من مات قبل البلوغ، أو أسلم، ومات قبل مجيء وقت الصلاة مثلًا، أي قبل