أبا بكرة، وهو أخو زياد ابن سُمَيّة لأمه، وكانت سُمَيّة أَمَةً للحارث بن كَلَدة، وإنما قيل له: أبو بكرة؛ لأنه تَدَلَّى من حصن الطائف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأعتقه يومئذ، روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعنه أولاده: عبيد الله، وعبد الرحمن، وعبد العزيز، ومسلم، وأبو عثمان النَّهْديّ، ورِبْعِيّ بن حِرَاش، وحميد بن عبد الرحمن الحميري، وغيرهم.
وقال العجلي: كان من خيار الصحابة. وقال محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب: جَلَدَ عمرُ بن الخطاب أبا بكرة، ونافع بن الحارث، وشِبْلَ بنَ مَعْبَد، ثم استتاب نافعًا، وشبلًا، فتابا فقبل شهادتهما، واستتاب أبا بكرة فأبى، وأقام، فلم يقبل شهادته، وكان أفضل القوم. وقال يعقوب بن سفيان: نفيع ونافع وزياد، وهم إخوة لأم، أمهم سُمَيّة. وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: ثنا هَوْذَة بن خليفة، ثنا هشام بن حسان، عن الحسن، قال: مَرّ بي أنس بن مالك، وقد بعثه زياد إلى أبي بكرة يعاتبه، فانطلقت معه، فدخلنا على الشيخ، وهو مريض، فأبلغه عنه، فقال: إنه يقول: ألم أستعمل عبيد الله على فارس، ورَوادًا على دار الرزق، وعبد الرحمن على الديوان؟ فقال أبو بكرة: هل زاد على أن أدخلهم النار، فقال له أنس: إني لا أعلمه إلا مجتهدًا، فقال الشيخ: أقعدوني، إني لا أعلمه إلا مجتهدًا، وأهل حروراء قد اجتهدوا، فأصابوا أم أخطئوا؟ قال أنس: فرجعنا مخصومين.
قال ابن سعد: مات بالبصرة في ولاية زياد. وقال المدائني: مات سنة خمسين.
وقال البخاري: قال مسدد: مات أبو بكرة، والحسن بن علي في سنة واحدة. قال: وقال غيره: مات بعد الحسن سنة إحدى وخمسين. وقال خليفة: مات سنة ثنتين وخمسين، وصَلّى عليه أبو بَرْزة الأسلمي، زاد غيره: وكان أوصى بذلك. وقال أبو نعيم: آخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهما. أخرج له الجماعة، وروى من الأحاديث (٢٣٢) حديثًا، اتفق الشيخان على ثمانية، وانفرد البخاريّ بخمسة، ومسلم بحديث، وله عند المصنّف في هذا الكتاب (١٣) حديثًا، والله تعالى أعلم.