(عَنْ شُعَيْبِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو) تقدّم أنه منسوب إلى جدّه، وأبوه محمد بن عبد الله (عَنْ أَبِيهِ) المراد به جدّه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أنه (قَالَ: مَا رُئِيَ) بالبناء للمفعول (رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَأْكُلُ مُتكِئًا) قال في "الفتح": اختُلِف في صفة الاتكاء، فقيل: أن يتمكن في الجلوس للأكل على أيِّ صفة كان، وقيل: أن يميل على أحد شقيه، وقيل: أن يعتمد على يده اليسرى من الأرض، قال الخطابي: تَحْسَب العامة أن المتكيء هو الآكل على أحد شقيه، وليس كذلك، بل هو المُعْتَمِد على الوطاء الذي تحته، قال: ومعنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إني لا آكل متكئًا": إني لا أقعد مُتكِئًا على الْوِطاء عند الأكل فِعْلَ مَن يستكثر من الطعام، فإني لا آكل إلا الْبُلْغَة من الزاد، فلذلك أَقْعُد مُسْتَوْفِزًا، وفي حديث أنس -رضي الله عنه- "أنه -صلى الله عليه وسلم- أكل تمرًا، وهو مُقْعٍ"، وفي رواية:"وهو محُتْفِزٌ"، والمراد الجلوس على وَرِكَيه غير متمكن، وأخرج ابن عدي بسند ضعيف:"زَجَرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يَعْتَمِد الرجل على يده اليسرى عند الأكل".
قال مالك: هو نوع من الاتكاء، وفي هذا إشارة من مالك إلى كراهة كُلّ ما يُعَدُّ الأكل فيه متكئًا، ولا يختص بصفة بعينها.
وجزم ابن الجوزي في تفسير الاتكاء بأنه الميل على أحد الشقين، ولم يلتفت لإنكار الخطابي ذلك.
وحكى ابن الأثير في "النهاية" أن فسّر الاتكاء بالميل على أحد الشقين تأوله على مذهب الطبّ بأنه لا ينحدر في مجاري الطعام سَهْلًا، ولا يُسيغه هنيئًا، وربما تَأَذَّى به.
واختلف السَّلَف في حكم الأكل متكئًا، فزعم ابن القاصّ أن ذلك من الخصائص النبوية، وتعقّبه البيهقي، فقال: قد يكره لغيره أيضًا؛ لأنه من فعل المتعظمين، وأصله مأخوذ من ملوك العجم، قال: فإن كان بالمرء مانع لا يتمكن معه من الأكل إلا متكئًا لم يكن في ذلك كراهة، ثم ساق عن جماعة من السلف أنهم أكلوا كذلك، وأشار إلى حمل ذلك عنهم على الضرورة، وفي الحمل نظر.