مَنْ لَمْ يُهَذِّبْ عِلْمُهُ أَخْلَاقَه ... لم يَنتَفِعْ بِعُلُومِهِ في الآخِرَهْ
(وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ) بالبناء للمفعول، أي لا يستجاب، فكأنه غير مسموع، حيث لم يترتّب عليه فائدة السماع المطلوبة منه (وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ) بالبناء للفاعل، أي لا يسكن، ولا يطمئنّ بذكر الله تعالى (وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ) أي لا تقنع بما آتاها الله تعالى من الرزق، ولا تفتُرُ عن جمع المال من حلّه ومن حُرْمه؛ لما فيها من شدّة الشَّرَه، أو المراد من نفس تأكلُ كثيرًا، قال ابن الملك: أي حريصة على جمع المال، وتحصيل المناصب، وقال السنديّ: أي حريصة على الدنيا، لا تشبع منها، وأما الحرص على العلم والخير، والخير، فمحمود مطلوب، قال الله عز وجل:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا}[طه:١١٤]، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا صحيح.
[فإن قلت]: كيف يصحّ، وسنده ضعيف؛ فقد قال النسائيّ: إن سعيدًا لم يسمعه من أبي هريرة -رضي الله عنه-، بل سمعه من أخيه عبّاد، عن أبي هريرة، وسيأتي للمصنّف في "كتاب الدعاء" برقم (٣٨٣٧) وأيضًا فإن محمد بن عجلان اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، كما سبق آنفًا، وأيضًا أبو خالد الأحمر متكلّم فيه؟.
[قلت]: إنما صحّ بشواهده؛ فقد أخرجه مسلم من حديث زيد أرقم -رضي الله عنه-، ولفظه: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل والهرم، وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها