للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما المماراة، والمجادلة فقد يستثنى منهما، كما في قوله عز وجل: {فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا} [الكهف: ٢٢]، أي لا تجادل أهل الكتاب في شأن أصحاب الكهف إلا جدالًا ظاهرًا غير متعمّق فيه، ولا تجهّلهم، ولا تُعنّف بهم في الردّ عليهم، كما قال الله تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥]، أي بالطريقة التي هي أحسن طرُق المجادلة، من الرفق واللين، من غير فظاظة، ولا تعنيف، والسفهاء خِفاف الأحلام، فلا تجادلهم، ولا تقل لهم: أنا أعلم، وأنتم سفهاء، فتثور الخصومة والشحناء.

ويفهم منه أن بعضًا من المراء محمود، وهو أن يماري الأستاذ التلميذ، فينظر ما مقدار فهمه، أو تحصيله، من المراء، وهو مسح الحالب الضرع، ولعلّ منه سؤالَ جبريل عليه السلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حضور الصحابة -رضي الله عنهم- ليريهم الله تعالى أنه -صلى الله عليه وسلم- مليء من العلوم، وعلمه مأخوذ من الوحي، فيزيد رغبتهم، ونشاطهم فيه، وهو المعْنِيّ بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ليُعلّمكم دينكم"، كما سبق. انتهى كلام الطيبيّ (١).

(أَوْ لِيُبَاهِيَ) أي يفاخر (بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ) أي يطلب العلم على نيّة تحصيل المال والجاه، وصرف وجوه عوامّ الناس إليه، وجَعْلِهم كالخدَم له، أو جَعْلِهم ناظرين إليه إذا تكلّم، متعجّبين من كلامه، مجتمعين حوله إذا جلس (فَهُوَ في النَّارِ) معناه أنه يستحقّها بلا دوام، ثم فضل الله تعالى واسع، فإن شاء عفا عنه بلا دخولها. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

قال الجامع عفا الله عنه: حديث ابن عمر رضي الله عنهما هذا من أفراد المصنّف، وهو ضعيف الإسناد، قال البوصيريّ رحمه الله: وإسناده ضعيف؛ لضعف حمّاد بن عبد


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٦٨١ - ٦٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>