للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: لقد صدق صاحب "الكشّاف" في قوله: "من باب التخييل"؛ إذ أن هذا من تخيّلاته الفاسدة، فإنه لا يثبت ما أثبت ظاهر القرآن من كلام جهنم، بل يجعله من باب الاستعارة المجازيّة، وهذا من ضلالاته وانحرافاته، والحقّ أن جهنم تتكلّم حقيقةً، وتقول: {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: ٣٠]، كما أخبرنا بذلك ربنا سبحانه وتعالى، وتتغيظ، ولها زفير، نسأل الله تعالى أن يعيذنا منها، إنه أرحم الراحمين.

(كُلَّ يَوْمٍ) يحتمل النهار، والوقت، والثاني أظهر (أَرْبَعَ مِائَةِ مَرَّةٍ؟) وفي رواية الترمذيّ: "مائة مرّة"، قال القاري: لعلّ خصوص العدد باعتبار جهاتها الأربعة، يعني كلّ جهة مائة مرّة، ويحتمل التحديد والتكثير، ويمكن أن يقدّر مضاف، أي يتعوّذ زبانيتها، أو أهلها. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: لا داعي لمعرفة خصوص العدد، وأما تقدير المضاف، فظاهر البطلان، كما نَبَّهْتُ عليه في ردّ كلام صاحب الكشّاف، فتبصّر، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

(قِيلَ: يَا رَسُولَ الله، مَنْ يَدْخُلُهُ؟) أي الجبّ المذكور، وفي نسخة: "ومن يدخلها"، أي تلك البقعةَ المسمّاة بجبّ الحزن التي ذكر شدّتها، وهو عَطْفٌ على محذوف، أي ذلك شيء عظيم هائلٌ، فمن الذي يستحق الدخول فيه؟ (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("أُعِدَّ لِلْقُرَّاءِ) بضم القاف، جمع قارىء، أي الذين يقرءون القرآن (المُرَائِينَ) أي الذي يراءون الناس (بِأَعْمَالهِمْ) الحسنة، من قراءة القرآن وغيرها (وَإِنَّ مِنْ) زائدة (أَبْغَضِ الْقُرَّاءِ إِلَى اللهِ) سبحانه وتعالى (الَّذِينَ يَزُورُونَ الْأُمَرَاءَ) أي من غير ضرورة تُلجئهم، بل طمعًا في مالهم وجاههم، ولذا قيل: بئس الفقير على باب الأمير، ونعم الأمير على باب الفقير؛ لأن الأوّل مشعرٌ بأنه متوجّه إلى الدنيا، والثاني مشعرٌ بأنه متوجّه إلى الآخرة (قَالَ) عبد الرحمن بن محمد (المُحَارِبِيُّ) في روايته (الجُوَرَةَ) بالنصب صفة لـ "الأمراءَ"، أي الظَّلَمَةَ، وهو بفتحتين: جمع جائر، ككامل وكملة، كما قال في "الخلاصة":

في نَحْوِ رَامِ ذُو اطِّرَادٍ فُعَلَهْ ... وَشَاعَ نَحْوُ كَامِلٍ وَكمَلَه

<<  <  ج: ص:  >  >>